أبنة الجيران
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور    كندا
سمع عامر من أفراد أسرته وباقي الجيران بأن عائلة جديدة ستسكن  في الشقة المجاورة  وذلك  في خلال اليومين القادمين على ابعد تقدير  .
 كان عليه أن يغيب عن المدينة لعدة أيام من أجل القيام بعمل للشركة التي يعمل فيها ، خمسة أيام مرت وعاد عامر إلى منزل والديه وصودف وجود الساكنين الجدد  ، رجل وزوجته وعرف لاحقاً أن عندهم ابنة وحيدة ذهبت صباحاً إلى المدرسة فتّم التعارف مع الأم والأب وأعتذر لانهماكه بقيام بأعمال تتعلق به واعداً الجيران الجدد بأن يقوم بزيارتهم متى تسمح له ظروف العمل بذلك ، اصطحب بعض الأوراق الخاصة به وغادر المنزل مجدداً ترافقه دعوات أمه المتكررة له بأن يواجه على الدوام أناس أحّن من والدته عليه كان هذا دعائها المتواصل له .
في أحدى الأمسيات توجه عامر لزيارة السكان الجدد ودار حديث عادي عن المكان الجدد والعمل وأمور الحياة  عامة  ،  في هذه الأثناء دخلت شذى الابنة الوحيدة لجيرانه تحمل صينية القهوة وتمتمت بكلمات تكاد تكون مسموعة  :   ( مساء الخير )،مساء النور رّد عامر وهو يشاهد شذى للمرة الاولى قائلاً سبحان الله فقد شاهد أمامه فتاة آية في الجمال وشعر بشعور غريب   ضربه من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه مثلما يقولون .
أمضى عامر حوالي العشرين دقيقة في منزل الجيران الجدد وعاد إلى منزله وهو يشعر بحالة غريبة تنتابه للمرة الاولى بعد أن شاهد تلك الفتاة وهو الإنسان الذي  واجهته   الحياة بالكثير من التجارب على كل الأصعدة ولكن ما حصل معه اليوم هو أمر غريب حقاً ، فمجرد مشاهدته لتلك الفتاة وللمرة الأولى حّرك داخل أعماقه وأحاسيسه مشاعر غريبة جّعلته يُفّكر بتلك الإنسانة وتكاد لا تفارق مخيلته لا في النهار ولا في الليل وشعر وكأن أمر ما في  داخل قلبه   يتحرك  كما لم يتحرك من قبل   .
كان والد شذى إنسان إجتماعي من الطراز الأول ونشأت بينه وبين عامر صداقة وثيقة على الرغم من فارق السن بينهما وكان يُفاجئ عندما يستشيره أبو شذى بأمور كان يعتبر أنها تحتاج إلى خبرة أكبر في الحياة ولكنه كان يٌصّر على سماع رأي عامر لأنه يحترم رأيه ويرى فيه صوابية وحكمة في مرات عديدة ومتكررة ، لأنه كان يستأنس برأيه .
في احدى الأمسيات فوجئ عامر بوالد شذى يخبره أنه أمام مشكلة ومعضلة كبيرة تتلخص أن أبن شقيقه الأكبر طلب يد شذى للزواج منها وهي ترفض هذا الأمر رفضاً قاطعاً ولم ينتهي هذا الوضوع عند هذا الحد بل أن أبن شقيقه قال أنه لن يسمح لاحد غيره بأن يتزوج ابنة عمه حتى ولو أدّى ذلك إلى التصرف بأمور متهورة ولا يحمد عقباها .
يتذكر عامر أنه مر على هذه القصة أكثر من خمسة وعشرين عاماً مضت ولا تزال شذى دون زواج بعد ان وقف لها ابن عمها بالمرصاد دون أن تتمكن من تحقيق أجمل أحلام حياتها وهو الزواج من عامر بعد أن ربط الحب قلبيهما منذ اللحظة الاولى لذلك اللقاء في منزل ذويها ، لينتصر التفكير العائلي الأحمق على روابط الحب والمودة التي ربطت قلبين مع بعضهما البعض في لعبة رخيصة هي الأنانية والحقد والكراهية .
عندما تقسى الحياة على عامر يّتذكر الوطن الحبيب وكيف أنه ترك هناك أغلى إنسانة على قلبه بعد أن باعدت بينهما الايام القاسية والعادات القبيحة البائدة ليشعر داخل نفسه بقسوة هذه الحياة أحياناً كثيرة وليؤكد كلمة يقولها ويرّددها على الدوام بل يبدو أنها أصبحت شعار مٌلازم له في كل مكان وزمان ( أن كل شيء جميل وسعيد في هذه الحياة ينتهي بسرعة البرق ) ،  ولا  يمكن ان   تكون نهايته  سعيدة   وناجحة  .
هكذا يرى عامر الحياة تلك الحياة التي عاندته كما لم تعاند شخص أخر على سطح هذه الارض كلها !!
                                                 على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            السبت   28                        أيلول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x