احلام مؤجلة
النفس البشرية والانسانية لكل كائن بشري في هذه الحياة هي عبارة عن مجموعة كبيرة ومتنوعة من التناقضات المختلفة والتي تختلف باختلاف التفكير والنظر الى الامور عند كل شخص من الناس عامة .
تختلف من شخص لاخر الطباع والاحاسيس وطريقة معالجة الامور فما نراه عادلاً وصائبا من امور نتداولها قد يراها آخرون عكس الصورة ، أريد في هذه العجالة أن أتحدث عن موضوع الأحلام التي تراودنا في حياتنا والطموح الذي يعمل على تحقيقه كل إنسان على طريقته الخاصة أحلامنا في الحياة كبيرة وكثيرة ومختلفة بشكل عام . تستمع إلى شخص ما يقول أن حلمه في الحياة أن يبني قصراً فاخراً ، أو يقود أحدث وأفخم السيارات في العالم أو يتزوج من أجمل الحسان قاطبة ، وتطول لائحة الأحلام التي يبدو ان بعضها يبدو أحلام بسيطة من السهل تحقيقها ، وأحلام أخرى قد تبدو أنها مثل المعجزات ومن الصعب تنفيذها أو مجرد حتى التفكر فيها .
تجد أن شخصاً ما يعيش في حياته حياة عادية جداً يعمل في نفس العمل لسنوات طويلة ولا تجد عنده أي استعداد للتقدم في هذا العمل أو حتى الأقدام على تمارين إضافية قد تؤهله إلى الصعود لدرجات أعلى في عمله . هذا الشخص تراه قد اقتنع بهذا الحد من الطموح ولا يريد أي شيء آخر وهو مكتف بما عنده من طموح وفكر ، ويقول ويردد انه مقتنع بما لديه سواء اعجب هذا الرأي باقي الناس او لا فهو مقتنع بحياته ولا دخل للاخرين في مسألة شخصية خاصة .
بينما في المقلب الآخر تجد إنساناً لا حدود لطموحه يردد أمامك النجوم والسماء هي الحدود كما يطمح يعمل في مكان ما وعينه دائماً على الأعلى يستغل أي فرصة لتحسين وضعه في ذلك العمل وذلك عبر الدراسة المتواصلة المستمرة ومحاولته الدائمة بالخضوع إلى دورات وندوات دراسية في مجاله ليصل يوما إلى ما يرضى ويناسب طموحه وأفكاره الكثيرة التى لا تنتهي .
ما أزال أذكر أنه خلال دراستي المتوسطة في السبعينات من القرن الماضي أني قرأت قصة طريفة ومعبرة في آن معا تقول القصة :
«يحكى أن أحد القرويين كان يعيش في إحدى القرى النائية حياة بسيطة هادئة ، وكانت له مهنة كبائع للبن يدور على بقية المزارعين يشتري منهم الحليب ويقوم بتصنيعه ويضعه في إحدى الجرار الفخارية التي يعلقها في سقف الغرفة التي يعيش فيها مع والدته ، في احد الأيام دخل ذلك القروي على أمه التي كانت تجلس في إحدى زوايا المنزل وقال لها مخاطبا وهو يقف تحت جرة اللبن تماماً ويحمل بيده عصاه : اسمعي يا أمي ستأتي الايام وأتزوج أجمل امرأة في هذه القرية وحتى القرى المجاورة ، وسأنجب منها طفلا يحمل إسمي سأرسله إلى المدرسة وأطلب منه أن يكون ناجحا ومتفوقا في حياته وإذا رفض الانصياع إلى أوامري سأضربه بهذه العصا وما أن رفع القروي عصاه حتى اصطدمت بجرة اللبن المعلقة فوق رأسه فسال اللبن من الجرة المكسورة على رأسه وثيابه فضحكت الأم ولطمت رأسه في أن معا على طموح ابنها الذي لم يستمر إلا لدقائق معدودة مع انه خسر ما كان يحتفظ به من اللبن ولا يحمل أي نقود».
بين الطموح اللامحدود واللامتناهي عند البعض ، والاكتفاء والقناعة عند البعض الآخر تبقى هذه الحياة هي المدرسة الأكبر للتعليم ومواجهة كل أمورها بتفكير وتأن وهي أمور قد يمكن للشخص نفسه السيطرة عليها والتحكم بها وصولا إلى حياة سعيدة .
قد يحقق انسان ما كل ما يطمح له من امنيات وافكار في هذه الحياة ، وقد يتعثر انسان اخر في كل دروب هذه الحياة ويشعر ان الحياة نفسها تعطيه دوما وجهها السوداوي ، وهنا يظهر الانسان على حقيقته وكيفية معالجته لكل امور هذه الحياة بكل سلبياتها وايجابياتها ويظهر مدى فهمه لاسرار ومكنونات الحياة للوصول الى حياة مستقرة وهانئة الى ابعد الحدود .
أفهم ان الطموح عند بعض الناس هو في اجتراح المعجزات للوصول الى الهدف المنشود في هذه الحياة وهو امر محق وحق لكل كائن بشري ،ولكن اياك ايها الانسان في طريقك للوصول الى نجاح ما او تفوق معين ان يكون هذا الامر على حساب حقوق الاخرين وجهودهم وعرق جبينهم ، فعلينا كبشر ان نكون واقعيين وعادلين مع باقي الناس بأن لا نبخس الناس حقوقهم وتعبهم وجهودهم حتى ولو كان الامر جدا صغير وقيد أنملة لان الله تعالى هو الحق ويريدنا دوما ان نكون على مستوى الانسانية التي وضعها داخل كل فرد منا لما فيه خيرنا جميعا كبشر مختلفين بأنسانيتنا عن باقي مخلوقات هذه الكرة الارضية قاطبة .
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .