تلفزيون لبنان والدور المطلوب
مجلة أمل بيروت – 1986
قبل عدة أيام عرض التلفزيون اللبناني وعلى القناتين الأولى والثانية برنامجاً خاصاً من البرامج الجديدة والمقررة لدورة خريف 1986 بعد أن سبق هذا البرنامج بأيام قليلة تذكير دائم بأن التلفزيون يعد مشاهديه بدورة برامج شيقة ومسلية ، لدرجة أن المشاهد سيبقى أمام جهاز التلفزيون منذ بداية السهرة وحتى ختامها لكثرة ما سيعرض من برامج مسلية وشيقة.
نعود إلى البرنامج نفسه وكم كانت الدهشة مفاجئة عندما لاحظنا أن معظم هذه البرامج هي مسلسلات وأفلام بوليسية أميركية منها “العصاباتي” ومنها “المخابراتي” والتي هاجسها الأوحد هو مشاهد العنف والدمار والحرائق، أضف إلى ذلك مشاهد التفجير والتفخيخ وكأن هذا المواطن القابع في منزله لا يكفيه ما يعانيه من مصائب وويلات الحرب التي يعاني منها منذ أحد عشرة سنة.
للوهلة الأولى ظننا أن إدارة التلفزيون ستستغل ساعات البث اليومية الطويلة لعرض برامج مفيدة لهدا النشء الصاعد، أو على الأقل برامج توجيهية واعية والاتبعاد قدر الإمكان عن مشاهد العنف المستشري في المسلسلات الأميركية والذي يعكس حالة وطبيعة المجتمع الأميركي وهنا لسنا في وارد شرح نمط هذا المجتمع وطريقة عيشه.
فالمطلوب من القيمين على إدارة التلفزيون أن يأخذوا بعين الاعتبار مصلحة الأجيال الصاعدة التي لا تعرف من حياتها سوى الدمار والرصاص والهلع، أما إذا كان لدى إدارة التلفزيون مبرر لعرض مثل هذه المسلسلات فلماذا لا يصار إلى حذف المشاهد العنيفة من المبرامج المذكورة. والذي يدعو إلى السخرية هنا أن معظم هده البرامج تعرض في الفترة الأولى من المساء أي في الوقت الذي يتواجد فيه معظم الأطفال أمام التلفزيون قبل نومهم، في هذه الحالة عندما يرى الأطفال مشاهد مؤذية على الشاشة فإن الطفل بطبيعته سيحاول أن يقلد ما شاهده وهذا ما حدث فعلاً لعدد من الأطفال من جراء ذلك.
استغلوا هذا الجهاز لتعريف هذا الطفل وتعليمه على حب الأرض. حدثوه من خلال برامج مفيدة عن المقاومة في الجنوب، عن هذه الظاهرة الفريدة في حياتنا اليومية التي تخوض اليوم أشرف وأطهر معركة يمكن أن يخوضها شعب ضد محتليه.
إنها دعوة صادقة موجهة إلى إدارة تلفزيون لبنان لأن تعرض المناسب من البرامج وأن تكون على مستوى المسؤولية المطلوبة، رحمة وعطفاً بعقول أطفالنا وبعقولنا.