دور المغتربين في إعادة الأعمار
دور المغتربين في إعادة الأعمار
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل إلى المحرر
رقم العدد – 2050
الجمعة 16 شباط 1996
الحروب والمعارك الطاحنة التي عصفت ولا تزال في اكثر من مكان على وجه هذه الكرة الارضية الشاسعة كانت ولا تزال تحصد أرواح الأبرياء من المدنيين العزل ، وهي السمة الملازمة لكل حرب تدور رحاها سواء بين دولتين أو داخل الدولة نفسها حيث الانسان البريء هو الضحية الأولى في هكذا حروب على مر العصور وحتى يومنا هذا ، لا يزال هذا الانسان المعذب يدفع ثمن وأخطاء طيش ممن جاءت بهم الأقدار الى سدة القيادة في كل ركن من أركان عالمنا المتفجر هذا .
ولعله من البديهي القول ان نسبة الإصابات بين المدنيين تكون عادة على نسبة عالية جداً بالمقارنة مع العسكريين الذين يخوضون هذه الحروب وأحياناً كثيرة عن غير اقتناع بجدوى ما ستؤدي اليه .
وطننا الحبيب لبنان عاش تجربة الحرب المريرة على مدى سبعة عشر عاماً ولا يزال حتى يومنا هذا يعاني من جراء الاحتلال الصهيوني البغيض لجزء غال وعزيز على قلوبنا جميعاً الا وهو الشريط الحدودي المحتل من الجنوب المقاوم والبقاع الغربي الأشم ، اذا عاش مجتمعاً اللبناني تجربة مريرة وقاسية خلفت اكثر من 200 الف قتيل ومئة الف مصاب ومعاق ووجود حوالي 3500 مفقود كما دمرت الى جانب هذا كله البنية التحتية للمجتمع من اقتصادية واجتماعية وادت هذه الحرب بالتالي الى وجود المشاكل والأزمات النفسية الصعبة التي ولا ريب عانت منها كل عائلة لبنانية عاشت تفاصيل هذه الحرب المريرة التي اسأل الباري عز وجل ان تكون قد ولت الى غير رجعة غير أسفين على كل لحظة ضاعت من عمرنا في تلك الحرب البغيضة .
وفيما أزيحت غيمة العنف والفوضى عن كاهل المواطن اللبناني من جراء الحرب لا يزال الجنوب المقاوم يخوض معركة الحق والمصير ضد العدو الغادر .
في اخر إحصائية صدرت في الوطن الحبيب لبنان عن الحرب على الاطفال الذي عاشوا هذه التجربة المريرة تشير هذه الإحصائية الى ان تسعين بالمئة من الاطفال اللبنانيين عاشوا تجربة القصف المجنون . وما رافق ذلك من حالات هلع وخوف في قلوب اولئك الصغار الأبرياء .
وان 67 % من الاطفال اجبروا على النزوح من منازلهم وهم في حالات من الذهول والضياع وعيونهم مفتوحة على الوجع والدمع والاحزان .
وتضيف الإحصائية ان 26 % من الاطفال في لبنان قد فقدوا واحداً من أهلهم فأصبحوا أيتاماً ، وهل لنا ان نتصور فداحة هذا الأمر وهل لكم ان تتصوروا معي ايها الأحبة انه من بين كل مئة طفل لبناني يوجد 26 يتيم فقد حنان الام أو على الأغلب معظمهم فقد المعيل وهو الاب وبالتالي اضحوا أيتاماً يعانون ما يعانونه لولا بعض الايادي البيضاء الخيرة التي تمد لهم يد المساعدة لمواجهتهم الحياة بكل تحدي وإصرار .
الإحصائية نفسها تقول ان خمسين بالمئة 50 % من أطفال لبنان كانوا شاهدين بعيونهم على أعمال العنف الوحشية فجعلتهم الايام قساة وغيرت من طبيعتهم الطفولية ومالوا الى ممارسة العنف الشديد وخصوصاً في تصرفاتهم مع الآخرين .
22 % بالمئة من الاطفال ونتيجة للحرب المجنونة افترقوا عن أهلهم فضاعوا في مجاهل هذه الحياة وشعاب هذه الحرب وتشردوا ولم يعرفوا الاستقرار ضمن جو عائلي وأسري جيد حنون .
وتضيف هذه الإحصائية ان 45 % من الاطفال اللبنانيين عانوا من الفقر الشديد نتيجة للحرب وعزت عليهم حتى لقمة العيش وبخل عليهم بعض الكبار بلذة العيش وحرموهم من ابسط ما يحتاجه الكائن البشري من حقوق وهي أضعف الإيمان مما يجب على كل انسان ان يحصل عليه وان يتمتع به .
الأن وضعت الحرب أوزارها واليوم هو يوم الوقفة مع الضمير ومحاسبة ما جنته الأيدي على وطنها ، اليوم مطلوب من الجميع إعادة الأعمار على كل الأصعدة بناء الانسان أولا وأخيراً لان هذا الانسان هو الأساس في بناء ونشوء اي وطن واية امة ليكون عندنا قاعدة وطنية صلبة في تنشئة أبنائنا وأطفالنا الذين عانوا ويلات ومصائب الحرب .
انا افترض ان يكون شعار المرحلة ( البشر ثم الحجر ) وهي مهمة جداً شاقة وشتان ما بين رؤية الحق واضحاً وبين التغاضي عن هذا الحق والعمل في أمور الباطل والضلال .
مهمة إعادة الروح الى وطننا الحبيب مهمة صعبة ، ومن هنا أدعو كل مغترب ومهاجر لبناني الى المساهمة وكل حسب إمكانياته في المشاركة في مسيرة الأعمار والإنماء ودعوة الى الايادي البيضاء الخيرة وأصحاب القلوب الطيبة الى العمل الجدي في هذه المسيرة الطويلة والشاقة .
حمى الله تعالى الوطن الحبيب لبنان وكل اللبنانيين من كل مكروه انه سميع مجيب الدعوات .
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .
علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
FACEBOOK PAGE : ALI IBRAHIM TALEB
الخميس 20 حزيران 2013