صابر ومعاناة الاهل والوطن
صابر ومعاناة الاهل والوطن
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة المرأة – مونتيريال
كندا
العدد 17 ( 346 )
الأربعاء 14 ك٢ 1998
منذ اللحظة الأولى التي وطأت فيها قدما صابر ارض الوطن المغترب الكندي ، يلازمه تفكير واحد وموحد عن أحوال اهله وأقربائه في الوطن الحبيب لبنان هذا الوطن العزيز الذي يحمله صابر في قلبه ووجدانه .
كان صابر يفكر دوما كيف يتدبر الناس أمورهم اليومية من مأكل وملبس ومدارس وما الى ذلك تحت وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الوطن الحبيب لبنان ، ذلك الوطن الذي يحمله داخل قلبه مع انه نفسه يعاني من عذابات وألام الغربة التي لا تنتهي .
محبة صابر للأهل والوطن تتجلى في كل شيء ، فهو اذا نظر الى الساعة وكانت الرابعة والنصف عصرا في كندا ، فإنها الحادية عشر والنصف ليلاً في لبنان ، وهكذا كان صابر يعيش مع الاهل والوطن الحبيب لحظة بلحظة وساعة بساعة .
يتألم صابر كثيراً عندما يتواجد في اي مجتمع عربي هنا ويبادر أحدهم ويقول أشياء سلبية عن الوطن الحبيب أو الدول العربية الشقيقة ، ينتفض صابر ويثور على هذا التجريح بحق الوطن الحبيب والأهل الأعزاء .
( كندا هي وطننا وهذه هي أرضنا ) ، لا احد يحدثني عن اي وطن فهذا وطني ، قالت سيدة عربية كانت بين الحضور وهي في العقد الستين من عمرها ، مع العلم ان لهذه السيدة عائلة كبيرة في وطنها ولها من الأبناء والبنات والأخوة والأخوات مالا يعد ولا يحصى .
لم يشعر صابر بالراحة كثيرا لحديث تلك السيدة وتنكرها لوطنها الأصلي بهذا الأسلوب الجارح ، فبادرها صابر قائلاً :
” يا سيدتي الكريمة نحن لا ننكر فضل هذه البلاد علينا وأننا نقيم على أرضها ونستظل بقوانينها ودستورها ، ولكن كل هذه الأمور مجتمعة يجب ان لا تنسينا أوطاننا الأصلية والتي هي أساسا مسقط رؤوسنا ومرتع طفولتنا وأرض أحلامنا الوردية ومكان وجود احبابنا وأرضنا العطرة المباركة والمقدسة .
وساد صمت للحظات قليلة عقب الكلام الذي قاله صابر للسيدة التي أحست بشعور من الذنب على ما قالته ووجهت كلامها الى صابر وأثنت على جرأته وشجاعته في معالجة الأمور .
انه صابر لا يساير ولا يتخلى قيد أنملة علن الدفاع عن الوطن والأهل والتراب المحبب .
ما هكذا يكون الوفاء لاوطاننا التي أتينا منها ، ان كانت هناك ظروف خاصة أو عامة ، لوجودنا هنا فهذا لا يعني على الإطلاق ان نشهر بأبناء شعبنا وببلادنا مهما كانت الاسباب والمبررات ومهما قست الظروف نتيجة ظلم معين أو حكم فاسد او ظروف قاسية .
ما يقوله ويردده صابر على الدوام هو ( انه يجب على كل انسان عربي موجود في هذه البلاد ، ان يكون سفيرا غير معين لوطنه ، وذلك بان يعطي صورة ناصعة عنا كعرب ، ويكون ذلك بإعطاء صورة المواطن الصالح المفيد للمجتمع الجديد الذي وجد فيه ، وذلك باحترام القوانين ، واحترام حرية الرأي والتعبير والمعتقد لكل أبناء البشر دون اي تمييز في اللون أو العرق أو الجنس ) .
يقول صابر نحن نطلب من الغرب ان يقف معنا ومع حقنا ومطالبنا العادلة سواء أكانت هنا أو في أوطاننا الأصلية ، قبل كل ذلك يجب ان نثبت لجميع الغربيين أننا مثال للمجتمع الجديد ، ونستطيع خدمة قضايانا المحقة من خلال هذا المجتمع الجديد على الكثير منا .
نريد ان نفهمهم بأننا شعب حضاري له ماضي مجيد ونتطلع الى مستقبل مشرق وزاهي لنا ولأجيالنا القادمة من بعدنا .
وتستمر مسيرة الحياة مع صابر ، يناصر الحق والمظلوم على الدوام ، ويقف ضد المعتدي والظالم يقول كلمته دون خوف أو وجل من احد مهما كلفه الأمر ومهما كانت النتائج عليه شخصياً .
صابر يقول ويردد على الدوام ك ( كن مع الله تعالى ولا تبالي ، كلنا زوار في هذه الدنيا ، نؤدي ادوارنا على مسرح الحياة ولا بد للستارة يوما ما ان ترفع ومن ثم تغلق مجددا عبر الرحيل الذي سيأتي عاجلا او اجلا ) .
نمضي في اخر الأمر . ، يذهب الجسد ليبقى فقط عملنا الصالح والمفيد والذكر الطيب بين الناس وفي المجتمع بشكل عام .
هكذا صابر ، منذ عرفته مخلص الى ابعد الحدود ، محب لكل الناس يتمنى الخير كل الخير للناس شعاره دائما وأبدا : يا رضي الله ورضى الوالدين .
نعم الصديق والأخ انت يا صابر على الدوام .
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .
علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
FACEBOOK PAGE : ALI IBRAHIM TALEB
الاربعاء 8 أيار 2013