فتاة وسط المصاعب
فتاة وسط المصاعب
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث لندن
بريطانيا
رقم العدد 2246
الجمعة 19 ت٢ 1999
عاشت ناريمان وسط عائلتها في جو يسوده الوئام والمحبة والمودة في وطنها العربي الام ، ولم يكن يخطر ببالها على الإطلاق ، انه سيأتي ذلك اليوم ، الذي ستجمع فيه ثيابها واغراضها الخاصة في حقيبة السفر، وتمضي الى بلاد الصقيع وما وراء المحيطات ، كندا .
مرت ظروف حرجة وخاصة على عائلة ناريمان ، مما اضطرها للسفر الى الخارج ومتابعة دراستها الجامعية هناك .
وصلت ناريمان الى كندا في أوائل العام ١٩٩٠ ، وهي لا تحمل معها الا حقيبة ثيابها ، وعنوانا لاحدى العائلات العربية المقيمة في تلك المدينة الكندية ، بالإضافة الى مبلغ مئتي دولار أميركي كانت عبارة عن مصروف خلال رحلتها الطويلة والشاقة من بلدها العربي الى كندا .
ومن المؤكد ان وضع ناريمان كان صعبا ، بحيث انها وصلت الى بلاد غريبة ، ولغة جديدة بالنسبة لها ، ووجوه اناس وبشر لم تصادفها من قبل .
كانت ناريمان ولم تزل فتاة مثالية على كافة الصعد ، وعندها من عزة النفس ما يؤهلها لان على مستوى عالٍ وكبير من المسؤولية ، لمواجهة حياة جديدة بالنسبة لها ، في مجتمع تختلف فيه العادات والتقاليد اختلافا كليا عما نعهده في بلادنا العربية الحبيبة التي أتينا منها ولا تزال تشدنا إليها وشائج وروابط حب الأرض والوطن والشوق لرؤية وجوه الاهل الأحبة والأصدقاء والناس الطيبون ، الذين مع الأسف الشديد اصبحوا عملة نادرة في هذه الايام ، ولا سيما في مجتمع غربي مادي كالذي نعيش فيه هنا.
لقد طغت المادة وسلطة المال على كل شيء ، فقادت بعض النفوس الى طرق الأنانية والانزواء والتفكر بالنفس فقط وهي حالة المجتمع الغربي بشكل عام ، وكأني بالفرد هنا لسان حالة يقول : المهم عندي هو نفسي وعدا ذلك لا دخل لي به على الإطلاق .
المهم ان ناريمان بدأت حياتها الجديدة بكل هدوء ، ووضعت نصب أعينها انها جاءت الى هذه البلاد ، من اجل هذف معين ولا بد لها من ان تحقيق هذا الهدف الا وهو متابعة تحصيلها العلمي ، والحصول على شهادة تؤهلها للدخول الى ميدان العمل بكل نجاح ، مهما كانت الظروف والمصاعب التي ستواجهها وتتعرض لها ، دون أدنى شك في حياتها الجديدة والمختلفة .
وبدأت ناريمان مسيرة حياتها الجديدة ، وأول عمل قامت به انها استطاعت ولحسن الحظ ان تؤمن عملا لها في احدى محطات الوقود ، وذلك لعدة ساعات في الأسبوع كبداية ، على ان ترى كيف ستسير معها الأمور بعد .
بعد ذلك تقدمت ناريمان بطلب للدخول الى احدى الجامعات الكندية في نفس المدينة التي تعيش فيها وكانت محظوظة عندما قبل طلبها للدراسة في تلك الجامعة وفي القسم الذي كانت تحلم على الدوام بدراسته ، وفرحت جداً لهذا الأمر واستعدت لبدء مشوار جديد ومميز في حياتها .
ناريمان بطبعها تحب الناس وهي من النوع الودود تكن المحبة والود الى كل من يعرفها حتى ولو من المرة الأولى .
وبما ان ناريمان كانت تعيش بمفردها في هذه البلاد ، فإنها تعرضت لحملة ظالمة من قبل البعض الذين حاولوا استغلال وجودها وحيدة هنا ومضايقتها قليلا ظنا منهم ان وضعها الحاضر يسمح لهم بأن يتطاولوا عليها والتدخل في شؤون حياتها الشخصية والخاصة جداً .
ولكن مرت الايام وأثبتت ناريمان انها بتفوقها ونجاحها ، إنما تعبر عن الوجه الحقيقي والناصع للمرأة العربية ، التي تستطيع ان تتجاوز كل المحن والمصاعب التي يمر بها كل انسان ومهاجر عربي في هذه البلاد ، على الرغم من الألسن الخبيثة التي تلوك الشائعات والأكاذيب دون اي حق أو اي دليل على أمر ما .
اثبتت ناريمان بنجاحها واخلاصها ان الفتاة او المراة العربية تنجح نجاح باهر وحقيقي اذا ما اعطيت لها الفرصة في هذه الحياة ، وكانت ناريمان النموذج الواضح لهذا الامر الثابت والمؤكد دوما .
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .
علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
FACEBOOK PAGE : ALI IBRAHIM TALEB
الخميس 16 أيار 2013