“لائحة شندلر” والعرب
بقلم علي إبراهيم طالب
مجلة الحوادث – لندن
رقم العدد 1966
8 تموز 1994
قرأت في الأشهر الأخيرة وبشكل يومي ربما ما دار ويدور حول التعليق على فيلم (لائحة شندلر) لمخرجه ستيفن سبيلبرغ الذي عالج اشكاليات كثيرة، مما أهله للفوز بعدد لا بأس به من جوائر الأوسكار العالمية، وأحب أن أورد بأنه لا يوجد مجلة أو جريدة عربية تصل إلى هنا إلا وكتبت بالنقد والتعليق على هذا الفيلم، طبعاً بعض النقاد وصف الفيلم بالعادي جداً من ناحية التقنية والأشياء والمميزات السينمائية.
أحب أن أوضح هذه المسألة وهي الحرب أو سلاح الإعلام إذا جاز التعبير فهذا السلاح هو السلاح الواقعي الذي نعيشه اليوم ، وأحياناً الإعلام أفعل دوراً من استعمال المدافع والطائرات، لأنه أحياناً يستطيع أي خبر أن يأخذ الحيز الكافي من اهتمام الناس، فهل على سبيل المثال وجدت فكرة ما لإنتاج فيلم عربي بإمكانيات هائلة هي مجودة أصلاً إذا ما عرفنا بأن عدد لا بأس بهم من المنتجين في عاصمة السينما العالمية هوليوود هم من العرب ومن اللبنانيين تحديداً، إذن ربما الإمكانيات المادية موجودة والمخرج قادر على إنجاز عمل مميز موجود.
وطبعاً عندنا من الممثلين الذين وصلوا إلى مرحلة النجومية العالمية ما يكفي. إذن لماذا لا نفكر أو تراود أحدهم هذه الفكرة. لإنجازها والعمل على تحقيقها. فالسينما هي فن ونستطيع أن نخوض في هذا المجال ومن يدري فعلى الرغم من هذه الهجمة على كل ما هو عربي في هذه البلاد ربما نستطيع أن نغير هذه الصورة المشوهة والتي تصورنا كإرهابيين قتلة. وهنا تلعب وسائل الإعلام الدور الهدام والخاطئ، وأحب أن أعطي مثلاً بأنني مقيم في كندا منذ ثلاث سنوات، وشاهدت العديد من الأفلام التي تتناول العرب وفي أقنية تلفزيونية متعددة سواء الكندية أو الأميركية، ولكن النتيجة واحدة، هي تصوير العربي على أنه قاتل أو يلهث وراء النساء وأمور الخمر وما إلى ذلك من أمور مؤذية ومضرة بحقنا جميعاً كعرب، ومع الأسف الشديد لأن الشعوب الغربية بشكل عام مُسير فهو يصدق كل كلمة تقال له حتى ولو كان يدرك بأن هذا الأمر كذب مئة بالمائة. المطلوب منا كعرب أن نقوي موقفنا ونُنشيء المؤسسات الكفيلة بتغيير الصورة المشبوهة التي يصورونها عن أنفسنا. والغريب في الأمر أنه إذا أردت أن تحاور على سبيل المثال شخصاً مقتنعاً بأن العرب إرهابيين أو قتلة وما إلى ذلك وتقول له بأني شخص عادي أو إنسان أدافع عن قضيتي أو وطني ، فإنه يقول ولكن شاهدت الفيلم كذا أ و قرأت في صحيفة ما الأمر التالي، مع الأسف الشديد الصورة التي تبرزنا بها وسائل الإعلام هنا هي صورة قاتمة وظالمة بحقنا.
المطلوب منا أن نعمل كل حسب طاقته في المدرسة وفي العمل في أي مكان نتواجد فيه لتغيير هذه الصورة عن شعبنا ومجتمعنا، فليكن كل منا سفيراً غير معلن لوطنه وبلاده. لعل وعسى نستطيع أن نغير قليلاً ما برح الإعلام ينعتنا به من أوصاف ونعوت. وبذلك نكون مرتاحي الضمير وأحب أن أوجه تحياتي إلى كل إنسان عربي حر في مشارق الأرض ومغاربها.
إلى التلميذ على مقعد دراسته مجتهداً مثابراً، وإلى كل عامل في ساحة جهاده اليومية وإلى كل أم ترضع طفلها حليب الحنان والحقيقة، إلى كل هؤلاء أقول بأنه لابد من بزوغ الفجر بعد هذا الليل المظلم الطويل.