أنانية كائن بشري

أنانية كائن بشري
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور _ كندا
عندما أبصر مجدي النور لم يكن ليدرك أن القدر سيجعله الولد الوحيد في العائلة بوجود تسع شقيقات ، فأدرك على ما يبدو انه الصبي المدلل الوحيد وسط هذه العائلة التي أعطته كل ذلك الحب والدلال وأصبح مقياس الرضى عنده بما يُقّدم له دون باقي أخواته البنات والقدر المؤلم في عاداتنا وتقاليدنا البالية انه  :  (  الصبي  )  ويحق له ما لا يحق لإخوته البنات مما آثار حفيظتهن ولكن لم يكن امام الشقيقات الا مسايرة هذه اللعبة السخيفة التي يشارك بها بكل أسف الام والأب وخصوصاً الأخير الذي كان يعتبر ان ابنه وحده دون شقيقاته سيحمل أسمه بعد الرحيل ويبدو ان مجدي ابن السنوات الست يومها تَّلقف هذه الإشارات جيداً وتعامل مع الجميع على أنه الإنسان المميز وان كل ما يقوله ويأمر به مُطاع على باقي أفراد الأسرة دون أي أعتراض وكأني به حاكم عسكري شعاره الأوحد  : ( نفّذ ثم أعترض ) !!
شّب مجدي وسط هذه العائلة وأدرك بما لا يقبل الشك ان كل أوامره وطلباته التي لا تنهي هي مُجابة وكان قادر على الوشاية لوالده بحق احد إخوته البنات تكون نتيجتها ضرب مُبّرح ومؤلم من الاب القاسي الذي يعتبر وبتفكير ساذج وخاطيء ( أن البنت حظها ناقص ولا يجب أن تعامل مثل الولد مهما كانت الظروف ) !!
إذا نحن أمام أب جاهل وقاسي القلب بحق بناته اما الام فكانت تساهم مع زوجها ولو بشكل غير مباشر في الحاق الظلم ببناتها على اساس أن كلام زوجها مقدس وغير قابل للمناقشة والجدال في تفكير ظالم وغير عادل .
شّب مجدي ووصل الى المرحلة الجامعية وحمل مع كتبه ومحاضراته شخصية الولد الدلوع المميز وحاول منذ اليوم الأول فرض رأيه والإيحاء للآخرين أنه إنسان مميز ويستطيع فرض ارأئه وأهوائه الخاصة على الأخرين ولكنه كان مخطئ إلى درجة كبيرة فما يصلح التعامل به داخل جدران منزل العائلة لا تستطيع أن تفرضه على الأخرين وهو أمر واقعي في خّضم هذه الحياة التي عليك أن تختلط وتعيش مع أناس من مختلف الطبقات وأنماط عديدة من التفكير في كل شارده وواردة في حياتنا هذه.
في احدى المرات حاول مجدي أن يتّعرف إلى إحدى زميلاته في الجامعة فتقدم منها وعلى مرأى  من زميلاتها وبطريقة فيها الكثير من الصلف والتعالي وطلب منها وبنوع من الأمر بان تذهب معه إلى مقهى الجامعة للتحدث معه بأمر ما ،ولما اعتذرت منه بطريقة مهذبة ولبقة بدا وكأنه فقد عقله وهو المعتاد أن تُطاع أوامره فما كان منه الا وأمسك ذراع الفتاة بقسوة محاولاً دفعها للحضور معه بالقوة ولما سحبت الفتاة ذراعها معتذره مجدداً ما كان منه الا ان صفعها على وجهها وسط ذهول ودهشة معظم الواقفين فتصدى له احد الحاضرين محاولاً الدفاع عن تلك الفتاة فما كان من مجدي الا ان دفعه بكلتا يديه وحصلت بعدها فوضى وتدافع بين الطلبة وإنتهى الأمر أمام طاولة عميد الجامعة الذي أمر بإحضار مجدي أمامه واستيضاح طبيعة الحادث بعد أن وصلته عدة شكاوى من طلاب وطالبات عن السلوك العدواني والغريب لزميلهم الجديد .
 جلس مجدي أمام عميد الكلية كالطاووس المُغتّر بنفسه وكأن شيئ لم يحدث فحاول شرح الأمر للعميد ولكن الأخير أسكته وتم أفهامه أنه في هذا المكتب ليستمع لا ليتكلم وأفهمه أن أمام مكتبه عده شكاوى  بحقه ومنذ اليوم الأول لوصوله إلى تلك الكلية وجّه العميد كلمات حازمة وقاسية في أن معاً ( أطلب منك أن تتعامل مع كل الطلاب بإحترام ومّودة وأي شكوى تصلني بعد اليوم تعتبر نفسك مطرود  من هذه الكلية إلى الأبد ) .
كان مجدي يستمع إلى كلمات العميد وهو منحني الرأس دون أن ينبس بأي كلمة فقد أخطأ كثيراً بحق نفسه أولاً وبحق الاخرين دون أي سبب أو مبرر لهذا التصرف الطائش .
لقد ظن ان  الدلع والرعاية الخاصة التي كان يتلقاها في المنزل  يجب ان تنطبق  على  كل البشر قاطبة  ، ولكنه   اخطأ كثيرا  لانه  حمل  معه  عقلية  الفرد الاناني الذي لا يفكر الا بنفسه   وبنفسه فقط   مهما كانت العواقب  وخيمة حتى عليه نفسه  .
                                                 على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الاربعاء   25                     أيلول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x