إلى سوزان عليوان : الجرح واحد
إلى سوزان عليوان : الجرح واحد
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور كندا
مجلة الحوادث لندن
بريطانيا
رسائل إلى المحرر
رقم العدد – 2059
الجمعة 25 نيسان 1996
انتهت لتوي من قراءة ديوانك الشعري الجديد : « مخبأ الملائكة » ووجدتني أغوص في بحار من الشعر الجميل واللحن الخالد والكلمة الطيبة .
هي الغربة بكل ما فيها من تفاصيل والام نحياها وكأننا كتب علينا ان نداوم على شراب كأسها المر والعلقم .
تحولت حياتنا إلى مجرد حقيبة سفر نرتب فيها ثيابنا وبقايا احلام ، ونحشر أحلامنا ونحشر أنفسنا في أول طائرة متجهة إلى المكان المجهول نريد فقط أن نهاجر ، أن نلملم شتات أفكارنا ونذهب في رحلة خاطفة أزلية .
إنها الغربة يا أنستي جعلتنا كالدمى المتحركة على مسرح هذه الحياة ويبدأ الروتين اليومي ما فعلناه أمس الأول يحصل معنا أمس واليوم ، وتجري الأحداث نفسها بكل تأكيد في الغد ، نقف نتأمل نفكر لا نجد شيئاً يذكر ، نحن جيل الوقت الضائع ، الأماني كلها تذهب إدراج الرياح ، أحلامنا مبعثرة ننظر إلى المستقبل فنراه باهتاً كأن القدر وقف لنا بالمرصاد وجعلنا مجرد دمى نتراقص ونتراكض إلى كل اتجاه ، كأننا اضعنا البوصلة ، نعود إلى رشدنا ونبدأ من جديد في مسيرة الحياة الطويلة نحدد أهدافنا ونمضي في الدروب الطويلة فنرى المفارق المتعددة نحتار في أي الدروب نسير نعود إلى أحلامنا ، نفكر انه سر الوجود ، انه قدرنا الذي ارتضيناه .
منذ « عصفور المقهى » والقلم يستمر عطاء وكرماً كلمات حلوة رقيقة ، وشعر للغربة والوطن والحبيب .
تقولين في « ومضات من ذاكرتك المتعبة » أن الحرب غربتك عن الوطن ، والطفولة كانت في ماربيا الإسبانية ، وعشت المراهقة في باريس ، وها أنت اليوم تعيشين في كنف الام العربية الكبرى « مصر » مصر العظيمة والتي فيها من الحب والطيبة والشعب الكريم ما لا يوصف .
اذن اخر محطات غربتك في الوقت الحاضر هي « مصر » حيث الكلام عربي والشعب عربي وكل شيء يتحرك من حولك عربي « غربتك » يا سوزان من النوع المألوف والمحبب ، فما بالك بغربتنا القاحلة القارسة على الدوام ؟
نحن نشعر بالغربة في كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية ، ومن هو الذي تجرأ وقال أن الغربة ليست قاتلة ؟!!
قتلتني الغربة يا صديقة وقتلني الشوق والحنين إلى الأهل الأحبة وإلى الوطن والأصحاب والأقارب والخلان .
لا شك بأن الذي يجمع بيننا هو قاسم مشترك واحد هو أننا كالطيور المهاجرة ابتعدت عن مكانها الأصلي وغردت في سماء هذه الدنيا الواسعة .
للغربة يا سوزان عليوان نكتب ونهيم في احزاننا .
هي الغربة تلسعنا بسياطها فتحيل أجسامنا إلى متألمة ومنهكة وغير قادرة على التحمل .
وأجمل ما قرأت لك في كتاب « مخبأ الملائكة » قصيدتك « وجهان » وفيها تقولين :
« اللحن الذي كاد يبكيك كاد يبكيني فأنت وأنا وجهان لجرح واحد »
أنه الجرح الواحد ، قدرنا أن نحياه وسنحياه بكلمات وشعر حلو وواعد بقلم وأداء سوزان عليوان ، فإلى الأمام ووفقك الله تعالى في كل أمنياتك وأحلامك .
سوزان عليوان شكرا لك يا رفيقة الحروف والكلمات والتعابير الجميلة والانيقة .
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .
علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
FACEBOOK PAGE : ALI IBRAHIM TALEB
الاثنين 22 تموز 2013
Spread the love