الروح الإنسانية الخالدة

الروح الإنسانية الخالدة
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور    كندا
مجلة الحوادث    لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
رقم العدد    2772
الجمعة 18 ك١
2009
عندما صعدت السيدة الإسكتلندية  (  سوزان بويل )  إلى خشبة مسرح برنامج « اكتشاف المواهب » البريطاني ، قوبلت بالكثير من الاستهزاء والسخرية سواء من الجمهور الكبير الموجود على مقاعد المشاهدين ، أو حتى  من لجنة الحكم نفسها ولكن ما ان بدأت بالغناء حتى أصيب الجميع دون استثناء بالذهول الشديد لقوة ورخامة صوت سوزان بويل وقد نقلت كل شبكات التلفزة العالمية فقرة غنائها التي صدمت بها  الجميع دون استثناء  وبشكل منفرد اي اعتمادا على صوتها فقط ودون أي مصاحبة لفرقة موسيقية او آلة  موسيقية اخرى  .
 السيدة بويل تبلغ من العمر ( 47 عاماً ) وشكلها الذي ظهرت من خلاله على المسرح يوحي انها اكبر من هذا العمر بكثير ، واستطاعت هذه السيدة ان تجعل اكثر من عشرين مليون مشاهد يشاهدون فقرتها الغنائية على ( موقع يوتيوب ) على شبكة
الإنترنت وحدها .
بالواقع كنت استمع الى احدى نشرات الاخبار المحلية اللبنانية على احدى الفضائيات اللبنانية عندما عرض تقرير عن هذه السيدة وطريقة غنائها وشاهدت انه لحظة صعودها الى المسرح كيف نقلت الكاميرات  الموجودة في المكان  علامات الاستهزاء والدهشة من قبل الجمهور الحاضر ولجنة التحكيم وكيف انقلب هذا الأمر وبسحر ساحر  وبعد لحظات قليلة من بدء السيدة بويل الغناء بصوت قوي وواثق  ،  من استهزاء متعمد  ومستهجن برأيي  المتواضع  ، الى تصفيق حاد ووقوف من قبل الحضور جميعهم لتحية تلك السيدة التي قالت لوسائل الإعلام بعد نزولها عن المسرح  وشعورها ان الجميع  استهزأ   بها وبالشكل  الذي ظهرت فيه على مسرح   ذلك البرنامج المختص  بالهواة    قالت   وبكل ثقة عالية بالنفس   :
« لم اكترث لنظرات الاستهزاء بي تلك ولم تؤثر على أدائي مطلقا».
الناس الذين أصيبوا بالإحراج الشديد في هذا الأمر اكثر من غيرهم كانوا أعضاء لجنة التحكيم انفسهم  وهو امر غالبا ما نلاحظه  على الدوام في برامج تقديم الهواة   على الدوام    ،  مما دفع   (  بيير   مورغان  )  احد  اعضاء   لجنة التحكيم
 واحد القضاة في لجنة التحكيم تلك الذي صرح قائلاً : « اشعر بأني مدين بالاعتذار لتلك السيدة ، انا أسف حقا لأنني لم اقابلها بالاحترام الذي كانت تستحقه فهي جديرة به ومنذ اللحظة الأولى لظهورها على المسرح ».
انها قصة واقعية من صلب هذه الحياة التي نعيشها ولها دلالات ومعانٍ كثيرة وكبيرة .
كم من الناس تحكم على اي شخص من خلال مظهره الخارجي ، أو طريقة كلامه ، أو اين يسكن ،  او ما هو  رصيده في البنوك  ،  او كم  يمتلك من العقارات   ؟؟   وما هو نوع السيارة التي بحوزته ؟
أنا أشدد دوماً على أن نحكم على إنسان من خلال إنسانيته وأخلاقه وصفاته الحميدة وليس في ما يمتلك من عقارات وشركات وحسابات مصرفية فقيمة الإنسان الحقيقية تكمن في ما تحمله روح كل كائن بشري   داخلنا من انسانية واخلاق  وعقل  .
 ويحضرني في هذا المجال ما قاله رئيس دولة الفصاحة والبلاغة  قاطبة  الأمام علي بن أبي طالب  ( عليه السلام ) عندما قال :  ( احصد الشر من صدر غيرك بقلعه  من صدرك )   .
قول جميل ومعبر جداً   والى ابعد الحدود    .
يقول الأديب مصطفى فروخ « أن الحياة الحقة هي حياة الفكر اولا وحياة الروح ، انها كتاب وزهرة ولوحة ومحبة خالصة هذا هو الانسان وهذه هي حقيقته ، وما تبقى فحيوانية لا تعرفها النفوس الكبيرة » .
تحية من هذا القلب  الانساني المعذب    الى كل صاحب  ابداع وفكر  وموهبة مهما صغرت   ومهما كان مستواها  ،  لانه علينا ان نحترم   كل  انسان  في هذه الحياة  دون اي  تمييز  او  تفرقة بين زيد وعمر من الناس  .
                                            على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الثلثاء   27               أب                2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x