تجربة إنسانية خاصة جدا

تجربة إنسانية خاصة
بقلم : علي إبراهيم طالب
     وندسور – كندا
     مساحة حوار
جريدة  : صدى المشرق
     مونتريال
     7 – 4 – 2009
يحدث في أي زمان ومكان أن يقرر طبيب ما انك بحاجة ماسة إلى عملية جراحية في اسرع وقت ممكن تخضع لتلك الجراحة وبعد أسابيع قليلة يفاجئك الطبيب المختص بالخبر الذي يبدو غير سار وغير مفرح : انت مصاب بمرض خطير ، انت مصاب بمرض السرطان !!
أبعد الله تعالى هذا المرض وكل الأمراض بأسرها عن كل قارئ وقارئه يقرأ كلماتي هذه في مشارق هذه الأرض ومغربها ولكن هذا ما حصل معي حرفيا منذ أكثر من سنة من الزمان .
الطبيب في هذه البلاد صريح جداً ويقول لك كل شيء حرفيا وبالتفصيل الممل أحيانا كثيرة ، يقال لك أنك أمام طريق طويل وشاق ومتعب من العلاج الكيمائي والعمليات الجراحية والفحوصات على أنواعها وتجيب  بينك  وبين نفسك  بكلمة واحدة ومختصرة   ( الحمد لله رب العالمين هو القادر والشافي  والمعافي  على الدوام  )   .
الأمر في غاية الصعوبة ، والأمور تختلط معي أحيانا كثير فلا أعرف نفسي أحيانا     عن ماذا  اكتب    ؟؟؟ أكتب عندما اكون   خاضعا لجلسة العلاج الكيمائي التي تمتد لساعات طويلة جداً ، أم أنا ملقى  على سرير إحدى غرف العمليات  ومبضع الجراح جاهز للعمل في جسمي ، أم أتنقل بين طبقات مستشفى هاملتون الجامعي –  مستشفى ماكماستر لأجري فحوصات وصور أشعة طلب مني أن أجريها في هذا المكان بالذات ، أو أنتظر في غرف الانتظار لمشاهدة طبيب العائلة أو الطبيب المختص أو أخضع لعملية بالليزر في إحدى العينين ، لأن العلاج الكيمائي أعطى مفعولا إيجابيا في مكان وعكسيا على العين اليسرى إذ أدى إلى وجود ما يعرف ( بالمياه الزرقاء داخل العين وكان لا بد من عملية لمعالجة الأمر  )  ، بعد  ان اصيبت العين اليمنى  بتمزق في الشريان الرئيسي  الذي يضخ الدم اليها  ؟؟
فحوصات الدم لا تعد ولا تحصى ولعلها تعد بااعشرات  ومواعيد الاطباء  بالمئات      .. كل ما تقدم على مدى أكثر من سنة كنت أختصره بكلمة واحدة وثابتة وأكيدة الحمد لله .
لا أدعي بطولة أو شجاعة وأقول أن الأمر بمجمله سهل ولكن على الإنسان أن يكون واقعيا ويقبل كل ما كتب له في هذه الحياة قد يقول قائل إنني أكتب عن أمر شخصي وخاص ولا يهم بقية القراء الكرام صحيح لا بأس من أن نتشارك في طرح همومنا والامنا على بعضنا البعض ولا سيما في غربتنا القاسية هذه  ، واسمع  كثيرا  عن اناس    تنهار اعصابهم  ويفقدون كل قدرة على الحياة  لمجرد  تعرضهم لاشياء وامراض  قد تكون بسيطة   وتكاد  لا تذكر  .
عندما سألتني الطبيبة المعالجة في (مركز وندسور )  لمعالجة  الأمراض السرطانية  ( ابعدها الله تعالى عن كل من يقرأ كلماتي هذه   وأحبائكم  جميعهم  )  ،  عن مكان إصابتي بالمرض وقلت لها داخل بنت الأذن اليسرى (( tonsil   ))   أصيبت بنوع من الدهشة لأن سبب وجود مثل هذا المرض في هذا المكان تحديدا يأتي من سببين إما التدخين المكثف أو شرب الكحول المتواصل وهما أمران ولله الحمد لا أتعاطاهما على الإطلاق.
ولأني أعتقد جازما أن لكل مأساة أو أمر محزن نواجهه في هذه الحياة وجه سلبي وآخر إيجابي فهذه التجربة أظهرت لي بالعين المجردة من هو  الصديق الحقيقي في هذه الحياة وكشفت لي بعض الأمور التي كنت لا أنتبه لها ولا أعيرها أي اهتمام ولاسيما لنوعية وسلوكية بعض الناس    ،  ومعرفة الخامة الحقيقية  لبعض  البشر   بعد ان  كنت  مغشوشا   برؤية  جانب من شخصياتهم     وجاء  موضوع مرضي  لاراهم   على وجوههم   الحقيقية   ودون اي  قناع  او مكياج  قد يغطي  بعض  الشوائب   !!
قد يظهر حب الناس للمرء في أشكال ومعاني أنسانية مختلفة   ، إضاءة   شمعة على مقربة من صورة السيدة مريم العذراء (عليها  السلام)  على نية الشفاء   كما   فعل  عدد من الاصدقاء الاحبة الكرام   وكنت ارى في عيونهم  صدق مشاعرهم  والالم  على صحتي  ووضعي العام  ،  أو قراءة السورة  المباركة الفاتحة والدعاء في طاعة الصلاة من أجل الشفاء السريع والعودة إلى الحياة الطبيعية والعادية وبأسرع وقت ممكن .
هولاء  الناس  لا استطيع ان انسى ملامح وجوههم   عندما وقفوا الى جانبي    وعرفوا  اني    انسان  اتكل على الله تعالى في كل شاردو   وواردة في هذه الحياة  مهما  كانت  صغيرة   او بسيطة  .
هذه أمور وصور إنسانية خالدة تستقر داخل نفسي وعقلي ولا استطيع أن أنساها أو أنسى من يقومون بها بكل محبة وصدق ووفاء وهذا الأمر سأتحدث عنه في مرة قادمة بإذن الله وإلى لقاء آخر .
                              على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                               علي   ابراهيم   طالب
                             وندسور    كندا
                           للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                  الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
   FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
              الاربعاء   24   نيسان    2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x