حسنات وسيئات بلاد الغرب

حسنات  وسيئات
  بلاد الغرب
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة صدى المشرق –  مونتريال
كندا
العدد – 79
 5 أيلول 2001
مرات عديدة ومتكررة  وبغض  النظر عن المكان والزمان يطُرح عليّ هذا السؤال التالي : ( ماذا أحببت في هذه البلاد ، واي  الاشياء  تعترض  عليها  )  ؟؟
قد يكون السائل شخصا  غربيا سواء امرأة أو رجل أو حتى من أخوة وأخوات عرب اقابلهم في غربتنا القاسية هذه .
قد يبدو هذا السؤال سهلا للوهلة الأولى ، ولكن الإجابة عليه قد تتضمن مواضيع وأمورا شتى متناقضة عن بعضها البعض تماماً  ، ولا سيما   ان تجربة كل انسان تختلف باختلاف  ظروفه   وعدد السنوات التي  قضاها  هذا المرء   في هذه الغربة  .
قد يكون اول شيء احترمه في هذه البلاد هو  النظام  اولا وأخيرا  وذلك الشعور ان  كل  الناس متساوون أمام القانون لهم حقوق  يأخذونها  ، وبالتالي عليهم واجبات يجب ان يطبقوها ويعملوا بها  .
ننظر إلى الأمور كيف تسير هنا نلاحظ الدقة والتصميم في كل أمر وتخال إن مسيرة الحياة في هذه البلاد تسير بشكلها الطبيعي ومثل الساعة على ما نقوله  في أمثالنا العربية  المحببة   ، والساعة تعطى  مثلا ربما للدقة وتواصل النبضات في كل شاردة وواردة على السواء  المسبق لكل شيء   : تنظيم المدن ، المساحات الخضراء ، الطرق إشارات السير ، الأنظمة الأجتماعية والصحية والمعيشية كلها تسير في نطاقها الطبيعي والمعتاد على مدار الساعة  .
من الأمور التي احترمها النظام الصحي المعمول به هنا فالمواطن يستطيع الدخول إلى المستشفى لأجراء أي جراحة سواء أكانت التكلفة مئة دولار أو مئة الف دولار على سبيل المثال   .
قد يقول قائل ولكن المواطن العادي يدفع الضرائب الباهظة في كندا وعلى الدولة إن تؤمن له مقابل دفعه لتلك الضرائب ، نظام صحي ، واجتماعي ، وخدماتي متكامل ، على كافة الأصعدة في هذه الحياة صحيح هذا الأمر مئة بالمئة   ، ولكن يوجد أماكن اخرى كثيرة من العالم تعمد الدول إلى إرهاق مواطنيها بدفع الضرائب الباهظة دون الاستفادة من أي منافع على صعيد الصحة والتعليم والخدمات والنظافة وما إلى ذلك ، لا بل إن ذلك المواطن يشعر إن دولته تأخذ منه على الدوام ولا تعطيه أي مقابل  .
بالنسبة للنظام التعليمي  الكندي هنا ينقسم إلى قسمين قسم المدارس العامة وهي متاحة لكل المواطنين لتعليم أبنائهم فيها وتسمى : (   public  schools    ) ، وقسم اخر وهو بإشراف الكنيسة الكاثوليكية في كندا ويتضمن بطبيعة الحال المنهج الدراسي  الكندي  اضافة الى تعليم الدين المسيحي والإنجيل وتسمى هذه المدارس (Catholic school ) ، ويشترط على طلاب المدارس الكاثوليكية إن يكونوا من المسيحيين الكاثوليك لكي يتم تسجيلهم والدراسة فيها  ، مع الاشارة  الى ان القانون الكندي  يسمح  للجاليات  بأنشاء  مدارس  خاصة  لها    على صعيد اللغة والدين وما الى  ذلك   على ان  تتقيد  ببعض الامور والشروط  بتدريس  المواد الرئيسية في المنهاج الدراسي  الكندي  بشكل  عام   .
مضى على وجودي في هذه البلاد أكثر بقليل على عقد من الزمن ولم استطع أن أفهم مسألة حرية الرأي والتعبير لكل إنسان والتي يكفلها الدستور الفدرالي الكندي وتركز على هذا الأمر كل القوانين والشرائع المعمول بها .
 قد يبدو الأمر طبيعيا بأن تقول كل ما يخطر على بالك  والامثلة   على ذلك كثيرة   ومتعددة   ففيما   تعمد كل الجاليات والاثنيات المختلفة  والقادمة من مشارق هذه الا رض  ومغاربها   الى  تقديم  حضارتها   وتراثها نرى الغياب  العربي  عامة  بشكل مطبق  وغريب  مع ان اعداد  الجالية العربية  على سبيل المثال  في  هذه المدينة   يزداد  عددا  يوما بعد  يوم   ، اتحدث هنا عن الغياب العربي  ككل  عن   مهرجان الامم الذي يقام  كل عام  اللهم   ما عدا  اقامة تلك   المؤسسة الدينية  او تلك   مهرجان خاص  بها   وليس  على مستوى الجالية العربية  في هذه المدينة  ككل  .
 كاتب  هذه الكلمات كانت له تجارب عديدة ومتكررة في   الدفاع عن قضايا العرب  المحقة والعادلة   في غير مكان وزمان   من التواجد في هذه البلاد    ،  واذكر مرة أنني كنت في المكتبة العامة الرئيسية في وندسور ورأيت حركة غير عادية فعرفت انه معرض  عام  لكي  تقدم كل جالية اثنية  في هذه البلاد  ما عندها   من حضارة وتراث  وتقاليد وما الى  ذلك   ،   فتقدمت من رئيس قسم اللغات في المكتبة وقلت له حسنا نحن في بلاد متقدمة ويستطيع المرء إن يقول ما يشاء أليس كذلك ؟
 قال : طبعاً قل ما عندك قلت :   لم أجد اي وجود  للجالية العربية   التي  تعتبر الجالية الاكبر في هذه المدينة   ، فقال على الفور  يا صديقي العزيز   الخطأ  منكم فلم يأتي احد ما ويطلب  المشاركة باسم العرب   .
والتفت إليّ وعلائم الدهشة من حديثي هذا تعلو وجهه وقال : الجاليات  تحتفل بهذا الأمر منذ عشرات السنين فلماذا لا تعمد جاليتكم العربية إلى تخصيص يوم أو أيام محدودة للاحتفال  او تقديم ما عندها  كما يحصل في كل عام  .
 تأسفت ولم أزل على اعدادنا العربية الكبيرة في هذه البلاد دون أي عمل مؤثر على الرأي العام بينما نجح البعض  باعدادهم القليلة وامكانياتهم  الرهيبة والكبيرة  رغم زيف الكثير من ادعاءاتهم بتحويل الرأي العام بأسره إلى جانبهم عن طريق المكر والخداع والزيف الذي تميزوا به .
 وبالعودة إلى موضوع الحسنات والسيئات فان اكثر أمر ألاحظه بشكل مباشر وعلني هو موضوع غياب الأسرة الواحدة أما المفهوم الذي نعرفه في بلداننا العربية أي الأسرة المكونة من الام والأب والأخوة والأخوات يعيشون تحت سقف واحد في ظلال المحبة والتعاون على كافة الصعد.
في هذه البلاد وفي اليوم الذي يصادف عيد الميلاد الثامن عشر سواء للشاب أو الفتاة فان  بعض الأهل يقولون له أو لها إن الحياة أمامكم فاذهبوا وتدبروا أمر أنفسكم وعليكم اختيار الحياة التي تريدونها  ، وذلك طبقا للقانون الذي يسمح بهذا الامر    .
قد ينطبق هذا الأمر على معظم الدول الغربية مثل كندا، والولايات المتحدة ، وأوروبا ، واستراليا وهي اكبر مشكلة تواجه المجتمع الغربي وهي تختصر بعدة كلمات وهي ، غياب الأسرة في هذا المجتمع واسأل الله تعالى إن لا تصل حمى هذا الأمر المؤلم إلى بلادنا العربية الحبيبة حيث المفهوم المثالي للعائلة بوجود الأب وآلام والأخت والأخ والعمة والخال وما إلى ذلك .
وإذا سئلت عن الشيء الأوحد والاهم الذي أكرهه في هذه البلاد وحتى الموت هو هذا التحيز  الفاضح  ولا سيما في وسائل الاعلام   ضد  قضايا العرب   المحقة  ، وترى العرب انفسهم   مشغولون بامور هذه الحياة وشؤونها عامة  .
يعمل المرء   ما  بقدوره   على مبدا  اللهم اشهد اني قد بلغت    وكل حسب قدراته واستطاعته  .
                                             على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                             الثلثاء    14  أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x