راشد وإيمان
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رقم العدد – 2084
الجمعة 11 ت١
1996
عاش راشد حياة عادية كأي شاب يترعرع في كنف عائلة متواضعة ، يشق فيها الأب طريقه في العمل والجهاد في سبيل تربية عائلة صالحة تفيد المجتمع ككل ، تأكيداً على استمرارية الحياة على هذه الارض .
أختار راشد طريق العمل بعد ان ترك المدرسة ، لأنه شعر بأنه قد لا يستطيع متابعة مشوار العلم مع علمه المسبق ان العلم الكافي هو سلاحه في مواجهة هذه الحياة ، ولكنه أختار العمل وترك المدرسة تمهيداً لبناء حياته المستقبلية والاستقلال بذاته على أمل ان يكون المستقبل امامه مشرقا وواضحاً.
ذهب راشد يوماً الى احدى المناسبات الاجتماعية وكانت حفل زفاف لأحد أصدقائه ، وجلس بين الحاضرين بعد أن قام بواجب التهنئة متمنياً لصديقه العريس وعروسته بأن يمن الله عليهما بالسعادة الدائمة والتوفيق في حياتهما الجديدة المشتركة .
لمح راشد في هذه الأثناء حضور صبية جميلة المحيا بهية الطلعة وتقدمت الى العروسين وهنأتهما وأخذت مكانها بين الحاضرين ، فيما تابعت عيون راشد هذه الفتاة منذ اللحظة الأولى لوصولها وظل يتأملها وأحس  بشعور غريب أنتابه لمجرد مشاهدته لهذه الفتاة والتي كان يشاهدها للمرة الأولى في حياته ، وراح راشد يتأملها وتتابعت ملاحقة عيون راشد لهذه الفتاة وبدا اهتمامه بها ظاهراً للعيان بعد ان لاحظ الحاضرون هذه المسألة فيما اكتفت تلك الفتاة بالابتسام فقط وكأنها كانت نقطة البداية لقصة حب بين شخصين .
نهض راشد من مكانه بعد ان شارفت حفلة الزفاف على نهايتها وتقدم من تلك الفتاة وأراد التعرف عليها فأخبرته بأن اسمها إيمان وهي تسكن في القرية المجاورة لقرية راشد .
وتم التعارف بينهما وعلم منها اسم والدها  وأين يقع منزلهم في تلك القرية المجاورة  ، وودَّعها على أمل اللقاء القريب .
غادر راشد منزل العروسين وعاد الى منزل ذويه وأمضى تلك الليلة يتأمل النجوم والقمر النيساني الزاهي وخيال إيمان يلازمه كحلم حقيقي بهيج .
في اليوم التالي صارح راشد والده بالأمر وأخبره عما حصل معه ليلة البارحة وأعلمه عن اسم الفتاة وعائلتها وأنها من القرية المجاورة .
أخذ أبو راشد نفساً عميقاً من سيجارته ونفث بالدخان نحو الأعلى وقال لأبنه : اذا كان هذا ما تطلبه فأنت غالي والطلب رخيص ، والد  تلك الفتاة التي تتحدث عنها  هو من أعز أصدقائي واعتبر ان هذا الأمر قد تم منذ الآن .
لم يصدق راشد كلام والده وانحنى على يد والده ليقبلها داعياً له بطول العمر والصحة والعافية .
ظهيرة اليوم التالي كان أبو راشد  يتوجه على رأس وفد من القرية وذهبوا لمقابلة والد إيمان الذي استقبلهم ومعه جمع من أبناء القرية . وبعد السلام والقهوة والترحم على الأموات والدعاء للحاضرين بطول العمر والعافية  ، تسلم أبو راشد دفة الحديث وأبلغ والد الفتاة بنية ابنه راشد بالزواج من ابنته  الكريمة بعد ان رأها في حفلة الزفاف تلك  .
وصمت أبو راشد ومعه الجميع ليستمعوا الى ردّ والد الفتاة ، والذي بعد ان رحب بالجميع في منزله وجّه كلامه الى أبي راشد قائلاً : يا أبا راشد ، أنت صديق عزيز وأخ كريم وحضورك الى منزلي اليوم أنت ومن معك غالٍ عليّ كثيراً ، اعتبر ان هذا الأمر قد تم فالأبن ابنك والبنت بنتك ، فنهض أبو راشد وعانق والد العروس فيما انطلقت زغاريد النسوة اللواتي  كن ينتظرن سماع النبأ السعيد والجميل .
ودَّع أبو راشد مضيفه وعاد الى قريته لكي يبلغ ابنه النبأ السعيد ، ووجد راشد على أحر من الجمر ليتبلغ ردّ والد الفتاة .
وأبلغه أبو راشد الجواب وهنا انطلقت الزغاريد هذه المرة من منزل والد العريس  بهذا الخبر الذي ادخل الفرحة والسرور الى كل سكان  ذلك البيت   .
شعر راشد بأن هذا اليوم هو من أسعد أيام حياته على الإطلاق بعد ان جمع القدر والنصيب مع من أحب وأختارها شريكة حياته في السراء والضراء .
كان الاتفاق قد تم بين والد العروسين على ان يتم عقد القران والاحتفال بالزفاف في يوم واحد الأسبوع المقبل . وبدأت التحضيرات في ساحة القرية حيث سيقام العرس ، وفي اليوم المحدّد للعرس ارتدت قرية راشد أبهى ثيابها وزُينت الساحة والشرفات المحيطة تمهيداً للحدث السعيد فقد كان راشد محبوباً من الجميع وفرح الجميع بهذا الأمر السعيد ما عدا بعض فتيات القرية اللواتي لم يرق لهنّ الأمر لأن راشد ابن قريتهنّ الشاب القوي المقدام لم يختر أية واحدة منهنّ لتكون زوجته   وهو امر يعتبرنه   حق لهن  ولكن القلب وما يهوى  هكذا كان  قرار قلب راشد  بالخفقان سريعا  لتلك الفتاة التي  ستكون شريكة حياته وعمره اعتبارا من الايام القليلة القادمة  .
 لكن كانت طيبة القلب والمحبة النقية هي الصفة الملازمة للجميع  بين سكان قرية راشد  في اليوم الحدد للزفاف  الميمون    فحضروا وغنوا ورقصوا وأقاموا حلقات الدبكة احتفالا بالعريس وعروسه التي وصلت في موكب مهيب من قريتها المجاورة .
ومرت الأيام والسنوات  ورزق راشد وإيمان بالبنين والبنات وما برحت علائم السرور والوفاق ترفرف على منزلهما لأن حبهما كان أقوى من كل شيء وأضحى راشد وإيمان مثالاً للحب الخالص النقي الذي لا تشوبه شائبة استمراراً لحياة سعيدة وهانئة خالية من كل ما  يعكر صفوها من شوائب ومشاكل لأن العنوان الرئيسي كان الحب ولا شيء غير الحب الذي يصنع المعجزات في كل زمان ومكان .
مبروك للعروسين  والعقبى  عندكم وعند  اولادكم  جميعا  .
 
 
 
 
 
                                           على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

 
 
 
 
                                              علي   ابراهيم   طالب
 
 
 
                                                وندسور    كندا
 
 
 
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
 
 
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
 
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
 
 
 
 
 
 
                                         الخميس   13      حزيران        2013
 
 
 
 
 
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
يوسف زكريا
يوسف زكريا
10 years ago

قصة جميلة نهايتها سعيدة وتفرح القلب وتؤكد أن الحب يكون من النظرة الأولى ومن اللقاء الأول وما جمعه الله لا يفرقه إنسان. ولكن إذا “ظبطت “مع راشد وإيمان ووافق شن طبقة فلا يمكن أن تكون “ظابطه” مع غيرهم. فلو كانت إيمان إنساتة مثقفة وأتمت دراستها الجامعية فهل كانت ترضى براشد زوجا لها من دون أن تجتمع به مرات عديدة وتتعرف على شخصيته وسلوكه وأخلاقه؟؟

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x