فتاة المقهى وهاتفها

فتاة المقهى وهاتفها
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور /  كندا
كانت تقف في الصف الطويل داخل أحد مقاهي المدينة للحصول على قهوتها الصباحية داخل المجّمع التجاري الذي كان يّعج بالحركة الكبيرة في الأسبوعين الذين يسبقا عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية.
كان شكلها الخارجي غريب بعض الشيء وثيابها غريبة ومختلفة أيضاً وأكثر شيء كان ملفت للنظر فيها هو لون شعرها الأحمر الفاقع  جدا   !
لم ترفع نظرها البتة عن جهاز الهاتف الخليوي الذي كانت تحمله بيدها وهي تطبع بشكل سريع وغريب في آن معاً ، كانت تبتسم حيناً وتضحك بشكل متلاحق  ومتكرر  ولم تكن  تنتبه لما يجري  حولها   وهي لا تزال في ذلك الصف الطويل   ،
أحياناً كثيرة مما آثار انتباه بقيت الزبائن سواء الذين وقفوا في صف الانتظار معها ، أو الجالسين على الطاولات والكراسي في أرجاء المقهى .
كان تتحرك بطيئًا نحو الامام دون ان تفارق عينيها جهاز الهاتف وبدت في غاية السعادة والفرح خصوصاً عندما تتلقى الرسائل النصية على هاتفها إذ كانت تقرب الهاتف قليلاً نحو عينيها لتقرأ الكلمات بشكل أوضح على ما يبدوا  .
والغريب أنها كانت تفعل كل تلك الامور ولم ترفع رأسها عن ذلك الجهاز ويبدو أن آخر رسالة تلقتها كانت من العيار الثقيل بحيث أطلقت ضحكة مّدوية وإنتابها في تلك اللحظات نوبة عارمة من الضحك المتواصل بحيث لم تتمالك نفسها ، وللأمانة كانت فتاة رائعة الجمال تمتلك وجه بدا وكأن ريشة فنان ورسام مُبدع قد رسمته ، والشيء الأجمل من كل ما تقّدم هو الابتسامة الجميلة التي كانت لا تفارق ذلك الثغر الصغير والمبدع .
كان قوامها جميلاً وملفتاً للنظر إلى أبعد الحدود ، ولكن بدت غريبة الأطوار وهي لا تفارق جهاز هاتفها الخليوي الذي تحمله معها وبدا للحظات أنها أسير لهذا الجهاز كما هو حال عشرات الملايين من الاشخاص من مراهقين وكبار السن على حد سواء .
أصبح الإنسان عبد مطيع وذليل لكل أنواع التكنولوجيا والعجائب التي تتّفتق بها عقول الشركات التجارية في عالم الهواتف النقالة وأجهزة الكومبيوتر فاصبح الانسان يٌسأل عن اذا كان يمتلك حساب على الفيس بوك أو تويتر أو ماي سباس وغيرها من المواقع هذا على صعيد الكومبيوتر وطبعاً أصبح معظم هذه المواقع ملحقاً بطريقة أو باخرى بأجهزة الهواتف الخليوية فانت تظل على اتصال مستمر بما يجري حولك في كل أرجاء العالم حتى ولو كنت في الحمام ( أعلى الله مقامكم ) .
بالعودة إلى تلك الفتاة ( فتاة المقهى ) لا تزال تتحرك ببطء في انتظار دورها للحصول على قهوتها ويبدو أنها لم تنتبه الى أنها أصبحت امام الفتاة التي ستأخذ طلبها وتعطيها ما تريد من القهوة إذ ظللت واقفة وعينيها على جهاز الهاتف
وعاملة المقهى تردد ( كيف تريدين ان أخدمك ) ؟
كررتها العاملة مرتين بعد أن تجاهلت فتاة الهاتف لأمر وطلبت ما تريد وقررت في تلك اللحظة أن تضع هاتفها في جيبها  قليلا  ،  وأنتظرت  الفتاة العاملة في المقهى ريثما   تنتهي من اعداد   طلبها  ، وما هي الا لحظات   حتى  تحمل
في أحدى يديها عدة أكواب من القهوة في علبة من الكرتون ، وحملت في يدها الأخرى علبة حلويات وغادرت المكان وهي توزع ضحكاتها على زبائن المقهى ولم يصمت في ذلك الأثناء هاتفها عن الرنين المستمر والمتواصل  وهي  تضحك وتضحك   وكأن نوبة ضحك  جديدة انتابتها في تلك اللحظات   وهي تغادر  المقهى  وهي  في غاية السعادة  والضحك  المتواصل  .
 
 
 
 
 
 
                                             على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

 
 
 
 
                                              علي   ابراهيم   طالب
 
 
 
                                                وندسور    كندا
 
 
 
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
 
 
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
 
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
 
 
 
 
 
 
                                            السبت   3   أب                2013
 
 
 
 
 
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x