لبنان واليافطات الاعلانية

لبنان واليافطات
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور _ كندا
مجلة الحوادث    لندن
بريطانيا
رقم العدد 2021
الجمعة 6 ت١ 1995
مضى على وجودي في كندا حوالي الأربع سنوات ونصف السنة ولم أتمكن مع الأسف الشديد من القيام حتى بزيارة للوطن الحبيب لبنان لرؤية الأهل والأحبة ، الوالد والوالدة وأخوين شابين وأخت وحيدة ، وطبعاً بالإضافة إلى الأقارب والأصدقاء والأهم من ذلك رؤية الوطن الحبيب عن كثب ، ولكن الأمور تسير أحياناً بعكس ما يتمناه المرء على حد قول الشاعر العربي الكبير المتنبي : ما كل ما يتمنى المرء يدركه     تجري  الرياح بما لا تشتهي السفن   .  وهذا شيء أظن أن معظم المغتربين عن أوطانهم الأم يشعرون بهذا الشعور تجاه الوطن الحبيب وأهله الأعزاء .
أستميح  الأخوة القراء عذراً إذا ذكرت لهم بأني فعلاً ذهبت إلى لبنان ولكن من خلال حلم ! وهاجمنتي يومها قارئة عزيزة من ألمانيا اسمها أميرة ( سامحها الله ) وقالت أن الكتابة عن حلم هو مجرد إضاعة للوقت !!
المهم مما تقدم كله أنني أريد أن أطرح هنا قضية مهمة وخطرة في آن معاً وهي قضية الفلتان الإعلامي الرهيب الذي يتخبط به وطننا الحبيب لبنان حالياً ، وما تابعته وسمعته وقرأت عنه في هذا الموضوع يترك المرء في حالة يرثى لها لما يشهده وطننا الحبيب من فلتان رهيب على الصعيد الإعلامي في بلد تعتبر فيه نسبة وجود الإذاعات والتلفزيونات ( عنيت وجود المحطات  التلفزيونية ) هي النسبة الأعلى في العالم وهل لك ان تتصور بلداً مساحته حوالي 10,500 كلم٢ يوجد فيه أكثر من 52 محطة تلفزيونية تتباري جميعها لتقديم الإثارة على حساب المواطن القابع في بيته والذي تقتحم هذه المحطات مجتمعة منزله وهو مضطر لمشاهدة برامجها بعد عناء يوم حافل من العمل والجد في سبيل الحياة الحرة الكريمة !
وما زاد الطين بلة مثلما يقولون هو انتشار ظاهرة اليافطات الحديدية المنتشرة على معظم الطرقات الرئيسية والمتفرعة والتي تُعلن عن كل شيء ، السيارات ، الألبسة بكافة أنواعها حتى وصل بهم الأمر إلى عرض الملابس الداخلية من خلال صور وعروض أقل ما يقال فيها انها بعيدة كل البعد عن الذوق والأخلاق العامة .
الكل يعلم ان الإعلام بشكل عام هو جزء مهم وحيوي في مسيرة كل مجتمع بشري وتشكل الإعلانات المورد المالي المهم لمعظم الوسائل الإعلامية على أنواعها سواء المقروءة والمسموعة والمشاهدة ، فمن غير اللائق في مجتمع متحضر كالمجتمع اللبناني ان تنتشر فيه هذه الظواهر الخطرة والتي تؤدي الى انحلال حالة الأسرة المتماسكة والتي نفاخر بها لاسيما امام الكنديين والاجانب   في مجتمع غربي  العائلة فيه  شيء من الماضي  .
حرام ان يمارس كل هذا الضغط على هذا المواطن الشريف والذي باسمه تُمارس كل المُحرِّمات على مرأى ومسمع الجميع دون استثناء ، وأقولها بكل نية طيبة انه على الحكومة اللبنانية الموقرة بكافة أجهزتها العمل على وضع حدّ لهذا التدهور الأخلاقي الذي يعاني منه مجتمعنا اللبناني الخارج من حرب مدمرة استمرت سبعة عشر عاماً  متتالية  .
الدولة ووزارة الإعلام تحديداً مطلوب منها موقف واضح على هذا الصعيد برفع كل هذه اليافطات الإعلانية من الشوارع أو على الأقل تنظيم أمر وجودها .
وكذلك مسألة التلفزيون المطلوب أيضاً مشروع أو قانون إعلامي جديد يراعى فيه خصوصية المجتمع اللبناني بالنسبة للمحافظة على الإطار العائلي بشكل عام ، فمن غير المعقول واللائق ان تتبارى محطات التلفزيون في عرض الأفلام التي تتضمن مشاهد العنف والضرب واطلاق النار  ناهيك عن المشاهد  المخلة بالحياء والآداب العامة في الساعات الأول من المساء وذلك قبل ذهاب الاطفال الى فراشهم ، من غير العدل الأقدام على هذه الأعمال رحمة بهؤلاء الاطفال الذين هم بأمس الحاجة الى الرعاية والانتباه لا سيما الجيل الذي عايش الحرب المشؤومة بكافة تفاصيلها ومجرياتها المؤلمة .
فبأسم الحرية والحضارة تمارس أعمال أقل ما يقال فيها أنها غير مسؤولة ومتهورة .
اذا كانت الحرية والحضارة برأيكم هي التعري والفلتان ، فلا نريد هذه الحرية وتلك الحضارة ، والحري بنا جميعاً ان نعمل كيد واحدة وقلب موحد على إعادة بناء وطننا الحبيب لبنان على قاعدة : « الإنسان أولاً» وهذا يجب ان يكون عنوان عملنا .
نعم « الإنسان أولاً » وليكن هو شعارنا ، أنا لا يهمي أن يتحول لبنان الى هونغ كونغ أو الريفييرا على حساب أبنائه وشعبه ،
نعم مسيرة الأعمار انطلقت ونسأل الله تعالى ان يترافق ذلك مع إعادة الاعتبار لهذا الإنسان اللبناني الذي عانى ما عاناه ومن حقه ان يشعر بالراحة أقله داخل منزله دون ان تدخل عليه البرامج التلفزيونية دون اذن بما تحتويه بعض البرامج والأفلام من مشاهد وصور غير لائقة وغير مناسبة لكي تُشاهد من قبل العائلات وصغار السن .
انها دعوة من القلب الى الجميع الى التفكير ملياً وإيلاء هذا الأمر الاهتمام الكافي والأكيد رحمة بأجيالنا الحالية والقادمة .
لبنان الجديد نريده لبنان الحق والعدالة والمساواة بين الجميع .
يسري على جميع أبنائه قانون واحد .
وأحب أن لا ينسى الجميع ان جزءاً غالياً وحبيباً من وطننا العزيز ما يزال محتلاً وتدنس ترابه الشريفة قوات الاحتلال وبعودة هذا الجزء المحتل الى الوطن الأم تكون  الفرحة  اكبر واجمل في وطن حبيب أسمه لبنان .
حمى الله وطننا الحبيب لبنان   واللبنانيين جميعهم من كل مكروه    انه سميع مجيب  .
 
 
 
 
 
 
                                               على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

 
 
 
 
                                              علي   ابراهيم   طالب
 
 
 
                                                وندسور    كندا
 
 
 
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
 
 
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
 
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
 
 
 
 
 
 
                                          الاحد   7    تموز           2013
 
 
 
 
 
 
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x