منذ اكثر من عشرين عاما مضت ، رأيتها في احد الامكنة سيدة كبيرة تمشي وقد حملت في كلتا يديها اكياس بلاستيكية تحمل فيهما اغراض اشترتهما للتو من المحل التجاري الكبير والذي يبعد عن منزلها مسافة خمسة عشرة دقيقة سيرا على الاقدام .
كان منظرها من بعيد مؤلم ومحزن الى ابعد الحدود وقد أنحنى ظهرها من شدة ثقل الاغراض التي تحملها بكلتا يديها .
سارعت الخطى لكي أسالها اذا كان بأمكاني مساعدتها ولم أكن اعرفها مسبقا او اعرف جنسيتها او من تكون كل ما شاهدته في تلك اللحظة منظر سيدة كبيرة تمشي ببطء من جراء ما تحمله من أغراض وقد أنحنى ظهرها الى الامام .
أقتربت منها وسألتها بأنكليزية غير سليمة وعلى قدر الحال يومها : اذا كانت تريد مني اي مساعدة لحمل الاغراض معها ؟؟
فنظرت ألي وأجابتني باللغة العربية : انا لا احكي انكليزي انت عربي ؟؟
كأنها ازالت عني جبل من التساؤلات ساعتها فما كان مني الا ان أخذت الأكياس من يديها وقلت لها : اذا كان مكان سكنك بعيد فأنتظريني هنا لأحضر السيارة وأوصلك الى اي مكان تريدين .
أبتسمت واذكر انها قالت لي حرفيا :
يبدو يا ابني ان الدم قد شعر بالحنان عليي .
شكرا لمساعدتك لي ولكن منزلي اصبح قريب جدا من هنا ولكن أكون ممنونة لك اذا ساعدتني في حمل هذه الاغراض الى قرب منزلي .
في الطريق الى منزلها بكت تلك السيدة الجليلة بدموع متلاحقة وغزيرة على وجنتيها وقالت لي لا تعتقد اني وحيدة فعندي اولاد وبنات كثر وهم يعيشوا في هذه المدينة جميعهم ولكني لا ارى أحد منهم ولا يقومون بزيارتي حتى في الاعياد !!!
شعرت في تلك اللحظات ان الانسان يستطيع ان يكون بالغ القسوة والى حد الوحشية في التصرف بكل انانية وقسوة لمن كانت سبب حضوره الى هذه الحياة ، الى امه التي ضحت وربت وسهرت وها هي تجني ثمرة ابنائها وبناتها الذين بخلوا عليها حتى بالزيارة والسؤال عنها !!
عند وصولنا الى مكان سكنها وضعت الاغراض امام المنزل وأخذت رقم هاتفي بعد ان وعدتها بالقيام بزيارة لها في المرة القادمة بعد ان أبلغتني انها انسانة مقهورة وحزينة الى ابعد الحدود بعد ان تخلى عنها من يجب ان يقبلوا أقدامها .
ساوى الله تعالى رضاه برضى الوالدين  تعالى  . 
وقال الرسول الاكرم محمد (صلعم ) الجنة تحت أقدام الامهات .
ما اقسى قلوب بعض الناس وعلى من ؟؟؟
على امهاتهم وابائهم وهم سبب وجودهم في هذه الحياة .
الله  أكبر على كل من طغى وتجبر .
                                                  على  الخير   والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا المنبر      والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                   علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                                للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                           الثلثاء    8  تموز          2014
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x