مزايا النفس البشرية

بقلم علي إبراهيم طالب

الحياة البشرية لكل إنسان على سطح هذه المعمورة هي مجموعة كبيرة وغريبة من التناقضات والأمور التي يقف العقل البشري أحياناً كثيرة عاجزاً عن فهم أسرار ومكونات هذه الحياة بكل تفاصيلها والتي قد تختلف من شخص إلى آخر ومن أمة بذاتها إلى أمة أخرى باختلاف العادات والتقاليد. فقد نرى نظرة الإنسان الغربي للحياة مثلاً تختلف اختلاف كلي عما يعتقده الانسان الشرقي مثلاً والعكس هو الصحيح في أمور عديدة ومختلفة.

التعددية العرقية إحدى ميزات المجتمع الكندي

أود قليلاً التحدث عن تجربتي الشخصية من خلال وجودي لأكثر من عشرين عاماً في بلاد الصقيع والحر والأحلام المؤجلة (كندا) وما يحتويه هذا المجتمع الكندي المتعدد الثقافات والأديان والأجناس البشرية من هنود حمر أي السكان الأصليين لهذه البلاد إلى الأوروبيين من كافة بلاد أوروبا إلى الصينين واليابانيين والعرب والأفارقة والأستراليين وغيرهم من باقي شعوب هذه الكرة الأرضية قاطبة وأكاد أجزم أنه لا توجد جنسية معينة في هذا العالم إلا وتوجد في هذا المجتمع الكندي الغني بكل هذا التنوع الإثني والمميز على كافة صعد هذه الحياة.

قبل حضوري إلى كندا كنت أجهل الكثير من المعلومات عن الشعب الصيني مثلاً ولكن من خلال عملي في عدة شركات مختلفة وجدت أن البعض من الصينيين العاديين عندهم طاعة عمياء وغير مبررة لرؤوساءهم في العمل ، مثلاً وأذكر أنه في سنة 1993 كنت أعمل في إحدى الشركات التي تقوم بصناعة قطع للسيارات في هذه المدينة التي أقطن فيها منذ وصولي إلى كندا سنة 1991، المهم في الأمر أن أحد المسؤولين عن العمل وأذكر اسمه تماماً ويدعى (بيري) وعلى أثر خطأ بسيط من أحد العمال الصينيين وهو بالمناسبة من (لاوس) عمد هذا (الفورمان) إلى لكم عامل صيني كان يعمل معي على نفس الماكينة على أنفه مما أدى إلى نزول كمية كبيرة من الدم وبما أني الشخص الوحيد الشاهد على ذلك الأمر قلت أمام صاحب الشركة ما شاهدته وكيف أن ذلك (الفورمان) أقدم على هذا الأمر بكل وحشية ولسبب غير مبرر فما كان من الفورمان نفسه وقد تحول إلى ما يشبه الثور الهائج (أبداً غير صحيح لم ألمس هذا الشخص إطلاقاً، ما يقوله هذا (أنا) كذب) !!

تم اصطحابي إلى مكتب صاحب الشركة وكانت النتيجة على الشكل التالي: (العامل الصيني تم نقله إلى المستشفى بصورة عاجلة) ، (الفورمان) أصر على رأيه بتكذيبي وقال إني اختلقت هذه الرواية! وتم طرد كاتب هذه الكلمات إلى المنزل لمدة ثلاثة أيام حتى لا يفقد ذلك الفورمان مصداقيته أمام باقي العمال والموظفين!

المهم أني قلت لصاحب الشركة أن هذا ظلم وغير عادل ولاحقاً أبلغتني زوجته شخصياً عندما اتصلت بي هاتفياً في نفس يوم الحادثة وقالت أن زوجها إنسان غير عادل وعديم الضمير! ذلك العامل نفسه وكلما شاهدني في أحد الأمكنة يتقدم مني ويقول أنت إنسان طيّب وأنا لا أنسى ما حييت أنك وقفت معي ودافعت عني.

أنا لم أفعل إلا ما أملاه عليّ ضميري بالوقوف إلى جانب الحق حتى ولو غضب صاحب الشركة أو المسؤول عن عماله. إن الله تعالى عندما خلق هذا الكائن البشري أعطاه صفات إنسانية خاصة جعلته يتميز بها عن باقي المخلوقات الأخرى الموجودة على هذه الكرة الأرضية. ما أجمل العودة إلى صحوة الضمير في كل حركة من حركات حياتنا اليومية وليكن الخوف فقط من الباري عز وجل. فلماذا أخاف من إنسان مثلي وأحسب له أي حساب؟

دعونا نعيش إنسانيتنا مثلما أراد الله لنا أن نكون أعزاء وأحرار نقول كلمة الحق دون أي خوف أو وجل بالأمس واليوم وإلى الأبد.

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x