بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة المستقبل – مونتريال
كندا
رقم العدد 391
الأربعاء 14 تموز 1999
دخل نادر الى منزله عصر ذلك اليوم ، هو منهك القوى بعد يوم حافل من العمل في شركة الاتصالات الدولية التي يعمل فيها منذ اكثر من عشرة سنوات ، جلس نادر على الأريكة الواسعة ، تأمل في أثاث المنزل ، الذي بدا فاخراً   الى ابعد  الحدود  ،  الطاولات والمقاعد كانت تقف بصمت ، المقاعد الجلدية الوثيرة البنية اللون والتي تزينها خطوط نبيذية على شكل أفقي ، حاول نادر ان يتأمل تداخل هذه الألوان التي خرجت بهذا اللون الجميل .
تأمل نادر لوحة زيتية كانت معلقة على الحائط اللوحة كانت كناية عن وردتين حمراء وبيضاء بدتا وكأنهما ترقصان على أنغام موسيقى السامبا ، نظر نادر في اللوحة جيدا ولم يستطع ان يرى فيها شيئاً مميزاً ، ولكنه يتذكر الآن انه دفع مبلغ خمس مئة دولار ثمناً  لهذه اللوحة من احد المعارض الكثيرة التي تحفل بها العاصمة على الدوام .
كانت تتوسط غرفة الجلوس طاولة زجاجية واسعة واحتلت مساحة شاسعة من مساحة الغرفة ، كانت جنباتها من البرونز ، فقد كان نادر مولعاً وحريصاً جداً ان يقتني من الأثاث أفخمه وأغلاه ، ومن السيارات أحدث الموديلات وأغلى ما تجود به دور الأزياء الرجالية الأوروبية من بدلات أنيقة وربطات عنق وقمصان وأحذية وما الى ذلك .
كان نادر يعيش حياة رخاء وثروة فهو يملك من المال الكثير ولكنه كان ينظر الى كل هذه الامور التي تحيط به من أثاث وسيارات ، وشعر على الدوام انه يفتقد الى ما هو أغلى من كل هذه الأمور مجتمعة ، ان يتزوج يوما وان يكون عنده أولاد يملأون المنزل صارخا وضجيجاً، ان هذا الأمر كان في قرارة نفسه  من اهم الأمور ، ويبدو انه وصل الى مرحلة تعب فيها من العيش بمفرده يخرج صباحاً من منزله في ساعة مبكرة ، ولا يعود الى منزله الا في ساعة متأخرة لأنه يعلم بأنه سيرجع الى منزل فارغ خال من الحياة .
شعر نادر كما لم يشعر من قبل بالوحدة ، فأهله يعيشون في البلدة الجبلية وهو يقيم بمفرده ومع انه كان يتهاوى امام قوام صبية جميلة أو لفتة قد مياس لفتاة غرفت من بحار الجمال الكثير الكثير ، كان نادر عندما يتوجه لزيارة اهله في بلدتهم يكون محط أنظار صبايا البلدة التي كانت كل واحدة منهن تحلم بالزواج من نادر وتذهب لتعيش في العاصمة ، وما تحتويه العاصمة من مغريات على كافة الصعد .
ومرت الأيام وظل نادر متمسكاً بعزوبيته ، حتى ذلك الذي انضمت نورما الى فريق العمل في الشركة فعندما رأى  نادر نورما للمرة الأولى أحس بأن قلبه يخفق للمرة الأولى بهذا الشكل المتميز ، والتقت عيناهما مرارا وبدأت لغة العيون بالكلام والتقى القلبان على ما يبدو على هدف واحد وهو الحب .
كانت نورما فتاة جميلة المحيا في الخامسة والعشرين من عمرها أعطاها الله جمالاً فتاناً وملفتاً ، وكان نادر في حوالي الخامسة والثلاثين من العمر ويبدو ان الإعجاب كان متبادلاً بينهما فيما نادر كان يستغل فترات الاستراحة في العمل ليجلس على نفس طاولة نورما ويتحدثان بكل الأمور وأبدى نادر إعجابه بنورما وبادلته على ما يبدو بنفس الشعور ، وبدا ان الأمور تسير في مسارها الطبيعي .
كان نادر يرجع الى منزله كل يوم وهو شارد الذهن فكل فكره وعقله اصبح أسير نورما ، ولم تمض أسابيع معدودة على معرفته بزميلته الجديدة حتى كان يفاتحها بموضوع الزواج ، وفعلاً كان له ما أراد وتعرف نادر على أهل نورما وتم الاتفاق على كل شيء ، وعملاً بالقول بأن خير البر عاجله تم عقد قران العروسين السعيدين وبدت الفرحة والحبور على وجه العروسين الشابين وكانت حفلة زفاف جمعت الأهل والأحبة والأصدقاء .
مرت الايام في حياة نورما ونادر جميلة وسعيدة وبدا انهما قد خلقا لبعضهما البعض ، وبعد انتهاء فترة شهر العسل عاد الزوجان الشابان الى مقر عملها المشترك كزوجين هذه المرة واحتفى بهما جميع موظفي الشركة لعودتهما الى عملهما كالمعتاد .
شعر نادر كما لم يشعر من قبل بأهمية الزواج وان يحظى الانسان بزوجة صالحة تتعاون مع زوجها في مسيرة هذه الحياة   .
كانت طيور السعادة والطمأنينة ترفرف في بيت نادر ونورما لأن الحب كان يربط قلبيهما الى الأبد ، هذا الحب الذي هو أعطر وانقى كلمة تختزل في معانيها كل الأفكار والمبادئ الجميلة في حياتنا هذه ، التي نحن بأمس الحاجة الى أن يطغى الحب والتسامح ولا شيء غيرهما على كل شاردة وواردة في حياتنا اليومية .
نادر ونورما تعاهدا وانصهرا في قالب جميل يحيطه الحب والسعادة والفرح من كل الجوانب     ،  واصبح  لحياته  معنى اكثر  لانه حظي بانسانة اعطته    كل  الحب والحنان  في هذه الحياة  عامة  .
                                            على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                       الثلثاء  28       أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x