ومضات إنسانية

علي إبراهيم طالب – مساحة حوار
جريدة صدى المشرق – مونتريال – كندا
رقم العدد – 287
الثلاثاء 18 أيار 2010
 
حسن الظن ورطة وسوء الظن عصمة . (الحكيم الجاهلي اكثم بن صيفي )  .
 لعل هذا الحكيم قد مر بتجارب قاسية وعديدة في التعامل مع أنواع عديدة من بني البشر حتى وصل الى هذه الفكرة ، ومعرفة النوايا الحقيقة لكل كائن بشري على حدة بعيدا عن الأقنعة التي تخفي وراءها ما تخفي من مشاعر وأحاسيس  حقيقية للناس عامة .
 نواجه أحيانا أشخاصا مروا بظروف قاسية الى ابعد الحدود فتجد هذا الانسان يتمتع أولا بكل إنسانيته الحقة التي على كل كائن بشري ان يتمتع بها ويتمسك بخواصها الحميدة ، على الرغم من انه مر بتجارب إنسانية قاسية واليمة لا تحتمل ، وبدلا من وجود حالة اليأس والقنوط والتشاؤم فانك تجد نفسك امام شخص يؤمن بقدر الله تعالى ويحمد الباري عز وجل على كل شاردة وواردة في حياته معتمدا على المبدأ الأخلاقي الكريم , ( وقل لن يصيبكم الا ما كتب الله لكم ) وهنا تتجلى الروح الإنسانية الخالدة للإنسان الذي يرضى بما كتب عليه من محن وظروف قاسية ويواجه كل تناقضات  وأمور هذه الحياة على أنواعها ، الفقر والغنى ، الحق والباطل ، اليأس والأمل ، الشجاعة والخوف ، فهو يعالج كل تلك الأمور مجتمعة بإرادة إنسانية صلبة وقوية .
يروي أحدهم انه صادف سيدة عظيمة خطت خيوط الايام الإثارة على وجهها فأراد ان يستمع الى تجربتها الثرية والكبيرة في مسيرة حياتها التي ناهزت العقود التسعة من حياتها ، سألها عن أمور كثيرة ومتلاحقة كانت تستمع اليه بكل هدوء وتأن ، رفعت رأسها ونظرت الى عينيه مباشرة وقالت له ، (( ان الحياة هذه يا ولدي عبارة عن حقل تجارب ، انت تنظر الى وجهي الآن وقد رسمت السنين والعقود آثارها عليه ، لقد سافرت وزرت بلدان عديدة في كل أرجاء العالم أنني أشبه حياتنا هذه مثل السفر الطويل تصعد الى اي طائرة فتطلب منك المضيفة وضع حزام الأمان تمهيدا للإقلاع على مدرج المطار ، تصعد تلك الطائرة وتحلق عاليا على ارتفاع عشرات الآلاف من الأمتار ، تكون انت أيها الانسان معلقا بين السماء والأرض وتواجه في رحلتك أيضاً ما يعرف بالمطبات الهوائية فترى تلك الطائرة تهبط وتصعد وتبدو وكأنها لعبة صغيرة في يد ولد طائش يحركها يمنة ويسرة وبعد ساعات معدودة تهبط تلك الطائرة على مدرج المطار الذي تقصد فيتنفس جميع الركاب الصعداء  ويعمد  البعض الى التصفيق الشديد  احتفالا بالهبوط الأمن  ، ويتفرق الجميع في كل اتجاه مختلف ، انت الآن على الأرض انظر الى طائرة تحلق في السماء المرتفعة واوصف شعورك لنفسك ، ونفسك فقط )) !
 تعجب من حكمة وبلاغة تلك السيدة المسنة وانطلق الى حياته العادية في يوم آخر في مسيرة حياته ليكتب يوم آخر وتجربة أخرى !
 على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

           علي ابراهيم طالب
            وندسور    كندا
         للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
       الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك    FACEBOOK PAGE :ALI  IBRAHIM  TALEB
     الاربعاء  10       نيسان   2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x