يوميات مهاجر في الغربة

يوميات مهاجر في الغربة
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور _ كندا
عمد الى إيقاف سيارته امام المدخل الرئيسي لمدرسة ابنته البالغة من العمر احدى عشر عاماً والتي تدرس في الصف السادس حسب المنهاج الكندي .
توقف منذ ساعة فقط هطول الأمطار الغزيرة التي استمرت بالتساقط الغزير منذ ليلة البارحة  ،  الشوارع مليئة بأوراق الشجر التي تتساقط منذ أوائل الشهر الماضي وتملأ تلك الأوراق معظم شوارع المدينة الكندية المجاورة للحدود الأميركية مع ولاية ميشيغان عاصمة صناعة السيارات .
بدت الحركة مزدحمة قليلاً في ذلك الشارع والشوارع المحيطة بتلك المدرسة فالساعة تشير الى الثالثة والنصف موعد خروج الاطفال والأولاد من المدرسة الى منازلهم ، بدت صفوف السيارات امام المدخل تزداد اكثر واكثر ، فُتح في هذه اللحظة الباب الرئيسي للمدرسة تمهيداً لخروج الطلاب الذين سبقهم أصوات صراخهم والضجيج الصادر عنهم .
هذه ام تجر طفلين ، وهذا طفل مشاغب يحاول ما أمكن الإفلات من يدي والده ، خمسة دقائق مرت انتشر عشرات الاطفال في ذلك الشارع الرئيسي للمدرسة والشوارع القريبة المحيطة بالمكان ، اصّر احد الاطفال على ممارسة لعبته المفضلة كرة القدم في وسط الشارع هذه المرة وعندما شاهد والده سارع الى الاختباء وراء طفلين ينتظران في ذلك المكان .
دخلت في هذه الأثناء امرأة شابة كانت تتحدث على هاتفها الخليوي ، بدت على وجهها علامات القلق والاضطراب أمسكت بيد طفلها الصغير وشّدته الى الامام والطفل المسكين لا يجد تفسيراً لتلك العصبية من امه ، لم يجد المسكين بداً الا محاولة اللحاق بأمه المسرعة وهي تشد يده الصغيرة بعنف فيما تستمر في حوارها العاصف على الهاتف والطفل يتأبط محفظته المدرسية ولا يدري الى اين يقوده القدر .
كان داخل سيارته عندما حضرت ابنته وسألته اذا كان بإمكانها الرجوع الى ملعب المدرسة لكي تلعب باكوام اوراق الشجر التي تكومت بشكل لافت  .
خمسة دقائق فقط يا أبي … أرجوك لاحت على وجهه ابتسامة خفيفة ففهمت تلك الطفلة ان والدها يسمح لها بالذهاب حتى ولو لم ينبس ببنت شفة .
اكثر بقليل من خمسة دقائق مّرت عادت ابنته وصعدت الى السيارة انطلق بسيارته وهو يعلم ان هذه الساعة وهي من ساعات الذروة في ازدحام السير التي تُقسم الى مرحلتين المرحلة الصباحية وتمتد من السابعة صباحاً حتى العاشرة وفترة بعد الظهر التي تمتد من الثالثة بعد الظهر وحتى الخامسة عصراً وفترتي الصباح والمساء هما ساعات ذهاب وعودة العمال والموظفين والطلاب الى أعمالهم ومدارسهم وما الى ذلك .
أوقف سيارته على الإشارة الحمراء وبدت الشوارع اكثر إزدحاماً وهو متوجه الى قلب المدينة حيث يسكن منذ اكثر من عقدين من السنوات .
وصل الى منزله كانت الساعة تشير الى الرابعة الاعشر دقائق أوصل ابنته الى المنزل وقفل عائداً فعليه ان يكون في عيادة طبيب العائلة عند الرابعة والربع وعليه الإسراع قليلاً حتى يتجّنب زحمة السير الغير عادية .
وصل الى عيادة الطبيب الذي أجرى له فحص عادي وخاطب نفسه في تلك اللحظة : (( آه ايها الطبيب لو تدري ان الألم داخل نفسي وقلبي ولا قدرة لك على وصف العلاج لي ))!!
عند رجوعه الى المنزل ، تّذكر ان عليه المرور الى الفرن من اجل شراء بعض الخبز وكان عليه المرور على احد المحلات العربية لشراء بعض الحاجيات الضرورية .
عاد الى منزله يحمل أكياس النايلون المليئة بالحاجيات وقف أولاده الصغار يستقبلوه على الباب نسي للحظات تعب الجسم وأحتضنهم الى صدره كأنه عائد لهم بعد طول غياب ، وعلى أثر شوق كبير .
يوم  جديد في عمر غربته   ، شعور التعب والشقاء من جراء العمل  يتبدد عند  حضوره  الى المنزل والتفاف  جميع اولاده من حوله  في  مشهد انساني  وجميل الى ابعد الحدود  .
                                              على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الخميس   12            أيلول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x