على هامش العاصفة التي ضربت الوطن الحبيب لبنان .

على هامش العاصفة التي ضربت الوطن الحبيب لبنان هذا الاسبوع والتي خلفت ورائها ما خلفت من اضرار جسيمة طالت البشر والشجر والحجر وفعلا كانت مأساة انسانية بعينها وفاقت كل التصور وتحمل ابناء شعبنا لهكذا كوارث طبيعية بغياب اي تخطيط مسبق لمواجهة كوارث كهذه اسوة بما بحصل في كل بلاد الناس .
اقول لكم الصدق اني لم ولن أفاجأ مطلقا بالتصريحات العنصرية المقيتة التي صدرت عن بعض المواقع الالكترونية وبعض الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا مما جرى في منطقة حي السلم على سبيل المثال التي نكبت بشكل مباشر وأليم ، مع العلم ان اكثر من محطة تلفزيونية اجرت تحقيقات عن الكارثة الرهيبة التي ضربت هذا الحي تحديدا ، وقد عرض عدد كبير من السكان مستندات رسمية تثبت بأن املاكهم شرعية ويدفعون ما يطلب منهم من رسوم الكهرباء والماء والرسوم البلدية الاخرى اسوة بالمناطق اللبنانية الاخرى ، وقد لعبت وسائل اعلامية معينة ومعروفة الاهداف لاظهار تلك المنطقة المكتظة بالسكان على اساس انها منطقة خارجة عن سلطة الدولة كما حاول الكثيرون الايحاء بذلك وتصوير تلك المنطقة انها غابة ولا يوجد سلطة للدولة عليها ، وكأن باقي المناطق اللبنانية تعيش المثالية في كل شيء !!
لم ارى مثلا بعض السياسيين اللبنانيين من اصحاب الوجوه الكئيبة والكالحة الى ابعد الحدود ، وبعض من علية القوم الذين يخترعون المناسبات في الايام العادية للظهور والوقوف امام الكاميرات والقاء التصاريح والخطب بمناسبة او بدون مناسبة ، خرجوا ولو لرفع العتب اقله ليتحدثوا عن كارثة طبيعية كبيرة ضربت لبنان بأسره وان كانت الاضرار في مناطق معينة اكثر منها في مناطق اخرى . وذهلت من بعض التعابير العنصرية التي استعملها البعض عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي وأقل ما يقال فيها انها قمة العنصرية والهمجية بحق ابناء وطنهم لاسباب غير منطقية وغير مبررة على الاطلاق ، ولا يقبلها اي ضمير حر وواعي .
كاتب هذه الكلمات لا يفرق بين منطقة وأخرى ويعتبر ان الوطن الحبيب لبنان هو واحد وموحد بأرضه وابناء شعبه مهما اختلفت الاراء والنظرة الى اي امر والاختلاف في الرأي يجب ان لا يفسد في الود قضية ابدا ، وعلى اللبنانيين جميعهم أخذ العبر مما حل بوطنهم منذ عشرات السنين وحتى يومنا هذا .
وأفتقدنا ايضا من ضمن من افتقدنا بعض سيدات المجتمع المخملي الذين كنا نراهن يستعرضون امام الكاميرات اخر صيحات الموضة والتي يقدر اثمانها بعشرات الالاف من الدولارات بدون اي مبالغة ، وذلك بمناسبة او غير مناسبة ولا انكر ان لكل شخص الحق بالتصرف بما يراه مناسبا في حياته الشخصية ،ولكن على الاقل المطلوب هو وجود حد ادنى من الشعور الوطني العام ، وان يظهر المجتمع متماسك ومتضامن مع بعضه البعض أقله في الملمات والكوارث والمصائب .
وما يثير العجب والاستغراب في ان معا ان بعض اللبنانيين لم يأخذ الدرس من قسوة الطبيعة وثورتها المدمرة تلك بل قفز الى موضوع اخر ليقول انه اذا شنت( اسرائيل ) عدوان على الضاحية مثلا فأنه لم ولن يستقبل اي مهجرين من الضاحية الى بيروت !!!!
فأي نفسية هذه التي يحملها البعض عن مواطنين يفترض انه يتشارك معهم في الوطن والعيش على ارض واحدة ، وهل ان اطلاق هكذا تعابير جارحة ومهينة بحق جزء مهم واساسي من تكوين الشعب اللبناني قدم ما قدم في سبيل عزة ورفعة هذا الوطن الذي يجب ان يظللننا جميعا تحت رايته الواحدة الموحدة ؟؟؟
في واقع الحال لم اود الكتابة عن هذا الموضوع لولا ملاحظتي ان بعض الكلام الطائفي والمذهبي والكريه قد زاد عن حده يشكل منفر وغير اخلاقي على الاطلاق ،وانا شخصيا أحمل بهض وسائل الاهلام على اختلافها مسؤولية هذا التحريض المستمر منذ سنوات عديدة في لبنان والمنطقة عموما ،وهو امر لا يستفيد منه الا اعداء الوطن واصحاب مشاريع التفتيت واثارة النعرات البغيضة والمؤلمة على انواعها .
متى يعود البعض الى انسانيتهم ويكفوا عن حفلات الكذب والنفاق تلك ، فيما عشرات الالاف من ابناء الشعب اللبناني يعانون العوز والحاجة والفقر المدقع ، اضافة الى غياب الحد الادنى من وسائل العيش الاساسية التي هي حق كل مواطن على دولته .
يعاتبني البعض احيانا ليقولون انك تعيش في بلاد بعيدة وفيها كل وسائل العيش الاساسية مؤمنة بشكل مسنمر ، فلماذا يبقى عقلك وتفكيرك المتواصل بهذا الوطن الصغير الذي اسمه لبنان ؟؟ فأجيبهم بكل صدق وحق اني موجود في غربتي هذه منذ 21 عاما ولكن القلب والعقل هناك في الوطن الحبيب حيث الاهل وبعض من بقى من اصدقاء والاهم من كل ما تقدم الارض الطيبة الطاهرة التي رويت بدماء اناس قدموا اعز ما عندهم ليعيش الاخرين حالة العزة والاباء والكرامة .
كفانا مزايدة على بعضنا البعض فالعاصفة كانت منطقية وعادلة اكثر من بعض اللبنانيين انفسهم لأنها ضربت كل المناطق بشكل عادل ، فهل يتعظ البعض ؟؟؟
اتمنى ذلك .

علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag@hotmail.com

FACEBOOK PAGE :ALI IBRAHIM TALEB الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك

السبت 12 كانون الثاني 2013

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x