امرأة بامتياز

جلست أمامه على الكرسي المقابل له وكانت سبقها رائحة عطرها النفاذ الجميل. طلبت فنجان من القهوة وانتظرت قليلاً  ، فتحت حقيبة يدها وأخرجت المرآة   أصلحت خصلات شعرها الجميل المنساب فوقها كتفيها  بكل دلال وغنج  ظاهرين  ، وألقت نظرة سريعة على وجهها أقفلت الحقيبة ورشفت من فنجانها أول رشفة، نظرت اليه  نظرة فيها  كل المعاني  والعبر  .
في تلك اللحظة شعر أنه أحب القهوة أكثر من أي وقت مضى. تأمل وجهها الملائكي الجذاب الذي بدا وكأنه لوحة أبدع راسمها الفنان القدير في رسمها على أكمل وجه، تبارك الخالق القدير فهو جميل ويحب الجمال ردد أمامها جملة (تبارك الخالق) الذي خلق وصوّر الإنسان في أبهى وأجمل صورة مُعبرة على الإطلاق ، ضحكت على بعض كلمات الإطراء والثناء فظهر من خلف الشفتين صفين من اللؤلؤ المنضود الأبيض اللماع فقال لها الآن عرفت ماذا يقصد ذلك المطرب الكبير عندما أنشد يوماً:
اللؤلؤ المنضود في فمك الجميل
فيه السعادة للشقي وللعليل
فاذا تفتحت الشفاه ثوانيا
نوّرت دُنيانا وأحييت القتيل  .
ضحكت كثيراً عندما سمعت ذلك الكلام وبدا وجهها أكثر جمالاً من ذي قبل. قالت والضحكة تلازم الوجه البديع أنها لا تستطيع تحمّل كل هذا الكلام الجميل والرائع فقال لها أبداً إنها الحقيقة بعينيها ومن منا لا يحب الحقيقة ويعمل جاهداً على أن تبقى ساطعة ومنيرة على الدوام. سألته عن أمور عديدة وأجابها وسألها وأجابته واكتشف أنه أمام امرأة ناضجة وقد فهمت الحياة على رغم سنها الصغير نسبياً، وهي من النوع الشغوف بالمعرفة والقراءة أي أنها مثقفة جداً وقد عرفت الحياة وحاولت قدر الإمكان فهم مكنونات تلك الحياة بقدر استطاعتها.
حدثته عن تجارب مريرة مّرت في حياتها شعرت فيها أنها تكاد تكون وحيدة وهي في أمس الحاجة إلى أن تجد أي إنسان يقف إلى جانبها في محن وأمور عانت منها وتعتبر أنها أصبحت من الماضي، لم تتغير ملامح وجهها الجميل وهي تتحدث عن ماضي أليم تجاوزته إلى غير رجعة كما تؤكد. قالت ورددت أمامه أن البشر مختلفون بطريقة نظرتهم وتفكيرهم في هذه الحياة. قالت تستطيع أن تعرف الآن معدن ونفسية الإنسان الذي تتعامل معه وفي أي مجال من مجالات هذه الحياة كان منطقها واقعياً ومعقولاً إلى أبعد الحدود.
قالت إن الناس على عدة أنواع منهم ما يطمع بمالها وبعضهم يريد أن يحظى بجمالها، ولكن خبرتها الطويلة في الحياة جعلتها في نوع من الحصانة الذاتية لتحمي نفسها من جشع وطمع الطامعين الذين تقول عنهم أنهم كثر في حياتنا المادية والسريعة هذه والتي يحاول فيها بعض الناس الاستفادة من الآخرين قدر الإمكان. نظرت إلى ساعة يدها كان عليها مغادرة المكان لأنها مرتبطة بموعد عمل مهم  ،  ودعته   على امل اللقاء القريب  ثانية   .
غادرت المكان ولم يغادر عطرها الجميل الذي فاح في كل مكان للدلالة أنها مرت من هنا   ،  كانت امرأة  بكل ما لهذه الكلمة  من معاني   .
لمناقشة الكاتب في هذا الموضوع او اي موضوع اخر عبر البريد الالكتروني : visionmag@hotmail.com
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك face book : ALI IBRAHIM TALEB
علي  ابراهيم  طالب
وندسور  كندا
الاحد 17 شباط 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
1 Comment
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Anonymous
Anonymous
11 years ago

شيء رائع وجميل .

1
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x