بقلم  :  علي  ابراهيم   طالب

وندسور  كندا

مجلة الحوادث

رسائل إلى المحرر

 لندن

العدد 2026.

الجمعة 1 أيلول 1995

لا…لا… أرجوك يا بابا لا تلفظ هذه الكلمة على شفتيك!

هكذا صرخت الفتاة البالغة من العمر 15 عاماً بوجه أبيها عندما أعلن بأنه سيطلق أمها بعد سنوات طويلة من الزواج وما أثمر عنه هذا الزواج من أولاد وأحفاد!!

في واقع الأمر فانه من أصعب الأمور على الإطلاق هي معالجة شؤون وشجون الأسرة وما يرافق أي عائلة من مشاكل وأمور لا تخلو منها أي أسرة باعتقادي على الإطلاق، إذ انه من غير الطبيعي عدم وجود مشاكل أو سوء تفاهم على الأقل في محيط أي عائلة او أسرة وهو أمر من النادر جداً حصوله لا سيما في عالمنا المتخبط والمهتز هذا.

وبالعودة للأسباب التي من المحتمل أن تؤدي إلى حصول حالات الطلاق بين الزوج و زوجته فأنه من المؤكد انه يسبق حالات الطلاق هذه نوع من العواصف والمشاكل التي تبدو أحيانا تافهة وسخيفة  ،  واحيانا  كثيرة  تكون الامور  قد وصلت بأعتقاد  الزوجين نفسيهما  الى طريق مسدود  وباتت الحلول  مستحيلة ودما  حسب  رأيهما  معا  .   وإذا تراكمت هذه الأمور من النزاعات والمشادات الكلامية احياناً ينتج عن هذا كله هذا الكم الهائل من الصعوبات قد تؤدي في النهاية إلى حالات الانفصال والطلاق.

وهل لكم أن تتصورا معي صورة الأب أو الأم وقد حملت أو حمل حقائب ثيابه وغادر المنزل ومدى حراجه هذا الموقف المؤلم لا سيما في حال وجود الأطفال في المنزل والذي ربما وقف او وقفت  في زاوية من زوايا المنزل وهو يراقب  او تراقي بكل حرقة وألم هذا المنظر أو وقف صارخاً مذعوراً متعلقاً بأمه أو أبيه الذي يهم بمغادرة المنزل ولا يعرف بعقل طفولي بريء ما هي القصة؟

إني اطرح هذا السؤال كم من الأهل الذين مروا بهذه التجربة المؤلمة فكروا ولو للحظة واحدة في مصير أطفالهم عقب إتمامهم حالات الطلاق أو الانفصال؟!

لا شك بأنه سؤال مؤلم ومحرج، وقد تنشأ عند الأطفال الذين يمرون بهذه التجربة تعقيدات مؤثرة لا سيما في موضوع العائلة والمنزل بشكل عام   ، ومن المؤكد ان هذه الرواسب التي راها الطفل قد تترسب داخله وتؤثر على حياته المستقبلية على صعيد الزواج وتأسيس أسرة خاصة به.

في حالات عديدة قد لا يكون هناك سبب مهم و وجيز للطلاق فقد يؤدي مثلاً تدخل أهل  الزوج أو  أهلالزوجة أو أي فرد من أفراد العائلتين  في  شؤون تلك الاسرة  إلى وجود حالة من النكايات والعمل ضد رغبة الطرف الآخر، وكم سمعنا عن حالات طلاق جعلت على خلفية هذا الأمر يكون الزوجين ضحية لهذه الخلافات مع إن حياتهما المشتركة تكون سعيدة ولا وجود للمشاكل مما يؤدي إلى هدم كيان أسرة سعيدة وتفرق شمل عائلة تضم الأب وألام   عادة  ، والأطفال الذين هم دوماً كبش المحرقة في هكذا حالات.

ومؤخراً قرأت مقابلة مع رجل طلق زوجته لأنها لا تنتظره على العشاء عندما يعود من عمله عند المساء وهي كثيرة النوم،   كان  ذلك   عبر احصائية  عن مشاكل الطلاق  بين االزوجين  لاشك إن هذا سبب ولكن أؤكد وجود أسباب أخرى تجمعت كلها وولدت وفاقمت  مشكلة   صغيرة بدأت  تكبر وتكبر  بين الطرفين  وانتهت بالطلاق!

وقد قرأت مؤخراً إحصائية صدرت في الولايات المتحدة الأمريكية  تفيد انه يوجد 7 حالات طلاق من كل 10 زيجات في أمريكا وهذا أمر مرعب جداً بينما أورد تقرير آخر انه يوجد ثلاث حالات طلاق في الشقيقة العربية الكبرى مصر من أصل كل 10 زيجات، وطبعاً تختلف الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق وذلك حسب كل مجتمع والتأثير السلبي ربما للمجتمع على صعيد الأسرة ككل.

أما إذا أخذنا كندا فان أمر الطلاق مخيف ومرعب جداً إذ تفيد أخر الإحصائيات ان حوالي 80% من الشعب الكندي هم من المطلقين أي ما يطلق عليهم بالانكليزية     SINGLE  PARENTS   وهو  المصطلح  الاشهر في  حياة الغربيين   بشكل  عام    وتعريفه

أي إن تعيش الأم مع أطفالها أو أن يحتفظ الأب بأطفاله ولكن على الأرجح تحتفظ الأم بالأطفال ولدى بلوغ الطفل أو الطفلة عمر الـ 18 عاماً يصبح حر الاختيار في طريقة ومكان عيشه.

وهل لنا أن نتصور طبيعة المجتمع الأسري في المجتمع الكندي، انه حقاً أمر غير طبيعي ومفزع   الى ابعد  الحدود  !

وفيما تنتهي الأمور بالطلاق في أماكن متفرقة من العالم أوردت مجلة (موسكو تايمز) الروسية في احد أعدادها مؤخرا إن 14 ألف زوجة قتلن على يد أزواجهن في الاتحاد السوفيتي السابق منذ بداية هذا العام 1995 فيما بلغت جرائم قتل الزوجات 7000 جريمة قتل لعام 1993.

وهو ما قالته المجلة بأن روسيا تحتل المرتبة الأولى في العالم على صعيد العنف المنزلي!

وقد تلعب أمور كثيرة ومعقدة للوصول إلى الطلاق لا سيما مسالة التهور وعدم تحمل المسؤولية الكاملة من احد الزوجين لا سيما إذا كان الزوجان في عمر صغير في العشرين أو الثلاثين من العمر مثلا ويتلخص الأسباب عند الرجل هو عصبيته الزائدة مثلاً أو ضرب الزوجة لأي سبب معين أو انه يجعل من نفسه الأمر الناهي في البيت لا يأخذ رأي الشريك الأخر وهي الزوجة وربما يشعر بعض الرجال بكبرياء وغرور زائدين عن الحد مما يولد ويفجر المشاكل والصعوبات الجمة في طريق الحياة الزوجية.

وبالنسبة للأسباب عند الزوجة وخاصة إذا كانت هذه الزوجة قد عاشت حالة الراحة المادية بالنسبة لبيت أهلها وربما كانت تحصل على أي شيء تريده وذلك بإشارة واحدة من يدها وربما قد تجد فارق في طريقة التعامل بين منزل والديها ومنزل زوجها.

وهنا ربما تصر بعض الزوجات على الحصول على كل ما تبتغيه من مال وجواهر ولباس مهما كان الثمن وهو أمر خاطئ وهو سبب مهم من الأسباب التي قد تؤدي إلى الطلاق.

بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف فقد عالج الله تعالى هذه المسالة (مسالة الطلاق) حيث في القران الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً وان خفتم شقاق بينهما وابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً) صدق الله العظيم.

وهنا قد يعمد البعض إلى تفسير إن الله تعالى أمر عباده بضرب زوجاتهم وهذا خطأ شائع، وما قصده الله تعالى في محكم تنزيله الشريف مسألة الضرب الخفيف وليس الضرب المبرح والمؤدي،والضرب الخفيف التي ربما قصدها الله تعالى لكي تعود الزوجة إلى رشدها إذا كانت قد تمادت في معصية زوجها في أمور متعددة لابد أن كل عائلة قد تمر بهذه التجارب المؤلمة احياناً.

على كل حال  مسألة الضرب   عامة  لا تحل  مشكلة   ،   ويا حبذا  لو  حل  الامر  بين الزوجين   بالحوار والكلام  الجميل   للوصول  الى التفاهم   وحل  كل الامور  بالحسنة   والهدوء    .

وأخيرا نصيحة من القلب لكل المتزوجين أن يأخذوا الحياة بكل رحابة صدر وموضوعية وخصوصاً بوجود الأطفال في أي عائلة لان الأطفال هم ضحية أي انفصال وطلاق قد يحصل بين الزوجين مما يؤدي إلى عيشهم في مجتمع منقسم على نفسه بدلاً من أن يعيشوا حياة هانئة ومستقرة في كنف أسرة سعيدة وهادئة.

فمن كان زوجها حاد الطباع وعصبي المزاج فلتتحمله رحمة بأطفالها   وانا اعلم  ان  النساء  تتحملن  في احيان  كثيرة  فوق  طاقتهن  في سبيل حماية العائلة  وبالتالي  حماية اسس  ذلك الزواج    ،    ومن كانت زوجته كثيرة المطالب وشديدة الإلحاح في أمور عديدة فليتحملها أيضا رحمة بالأطفال ويناله الأجر والثواب.

اذن المطلوب   من الطرفين  ان يتنازلا   في سبيل   امر واحد وأكيد   حتى لا تصل الامور  الى الطرق المسدودة    وبالتالي  الى  ابغض  الحلال  عند الله  وهو الطلاق   وما تعنيه تلك الكلمة  من معاني  ومعاني كثيرة وكبيرة  الى ابعد الحدود  .

علي إبراهيم طالب. وندسور- كندا

                    على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                     علي   ابراهيم   طالب
                    وندسور    كندا
                   للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                  الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
   FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                 الجمعة     19           نيسان   2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x