حوار بالعربية والانكليزية

بقلم علي إبراهيم طالب

مجلة الوطن العربي – فرنسا

عدد 923

الجمعة 11 تشرين ثاني 1994

قابلته في أحد الأمكنة ، هو شاب عربي مثقف جاء إلى كندا منذ خمس سنوات تقريباً. سألته عن أحواله وسألني بالمقابل. وكان حديثاً في العموميات. وكنت أحادثه باللغة العربية فيجيبني باللغة الإنكليزية. وقلت له: يا فلان: أنت عربي ولم يمض على وجودك هنا وقت طويل حتى تنسى لغتك.

وحتى بعد هذه الملاحظة بقي يرد علي بلغة شكسبير. وشعرت بالضيق من تصرفه هذا إلى أن “بق البحصة” كما يقولون وواجهني بهذه العبارة: يا أخي أنا أخجل أن أتكلم باللغة العربية.

أجبته: أوتخجل من لغة أبائك وأجدادك؟

قال: نعم

قلت: يا رجل … اللغة العربية من أجمل اللغات وهي لغة القرآن الكريم …

وقاطعني: في الحقيقة إنني أخجل من كوني عربياً.

وأجبته ببرودة أعصاب هذه المرة: وهل يخجل من كان له الفضل على العالم بأسره.

فتطلع إلى متسائلاً: كيف؟

أجبته: يا أخي … نحن رواد الحضارة والتقدم في جميع المجالات. من الطب إلى الفلسفة، ومن الرياضيات إلى علم الفلك، والعالم الحديث توصل إلى هذه العلوم عن طريق العرب.

قال لي: ولكن ألا ترى ما هي الصورة التي يحملونها في أذهانهم عنا في هذه البلاد؟

قلت: لا أحد يعرف هذه المسألة أكثر مني. وأنا أواجه هذه الصورة مثلك تماماً ومثل أي عربي آخر يقيم هنا. وأعرف النعوت والصفات التي يطلقونها علينا. ولكن هل نستكين ونضعف أمام هذا الأمر؟ بالتأكيد لا.

وأضفت: هل تعلم بأن كلمة “شيك” أي الحوالة النقدية المتداولة هي من أصل عربي. فهي مقتبسة من كلمة “صك”

قال : لا

قلت: وهل تعلم بأن هذا الروب التقليدي الذي يترديه الطلاب يوم تخرجهم من الجامعات هو نفسه العباءة العربية التقليدية السوادء؟

يا صديقي: إن من كان عنده تاريخ مليء بالحضارة والتراث لا يخجل من أصله.

وانتهى الحوار مع الصديق عند هذا الحد. وحين شاهدته ثانية بادرته مازحاً بالسؤال عن أحواله، وكنت أحدثه باللغة الإنكليزية.

وكم كان سروري بالغاً حين رد عليّ: يا رجل نحن عرب وتتكلم معي بالانكليزية ؟

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x