عبودية الانسان للمال

عبودية الانسان للمال
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور -كندا
 جريدة  : صدى المشرق
– مونتريال
العدد – 87
الثلاثاء 22 – 01 – 2002
خلق الله تعالى البشر وأعطاهم العقول لكي يفكروا بها في كل شاردة وواردة من هذه الحياة   ، في طبيعة الحال قد لا يتشابه اثنان في طريقة التفكير بأمر ما أو النظر إلى نفس الشيء فعلى سبيل المثال قد ينظر شخصان مختلفان إلى نفس الصورة فيراها كل واحد منهما بطريقته الخاصة أو نظرته الخاصة للأمور عندما نتكلم عن هذه الحياة فلابد لنا من التطرق إلى موضوع مهم وهو تأثير المادة والمال على أي انسان في   هذه الحياة بشكل  عام  .
 في إحدى الشركات الكندية الكبرى يوجد شخص كندي اسمه ( جيري ) همه الأوحد وشغله الشاغل في هذه الدنيا هو جمع المال ليس المهم عنده مصدره ولكن الأهم هو وجوده وبوفرة معه .
جيري هذا يعيش حياته بشكل مختلف عن الآخرين حبه للمال أعمى بصره وبصيرته فلم يعد يرى الأموال تتراكم في مكان يخبئها فيه لعدم ثقته بالبنوك على ما يقول ويردد دائماً هذا ليس كل ما في الأمر بل هو مصاب بحالة من البخل الشديد لم تنفع معها نصائح أصدقائه للإقلاع عنها لا بل انه يزداد تمسكا بها يوماً بعد يوم .
جيري هذا مستعد لأن يعمل أربع وعشرين ساعة في اليوم لو سمح له مسؤولو الشركة بذلك وهو دائماً يسأل العمال إذا كانوا يريدون أن يعطوا ساعات إضافية ليعمل عنهم وهو دائم السؤال عن ساعات اخرى يضيفها إلى ساعات عمله الأسبوعية والتي يحددها القانون بأربعين ساعة أسبوعيا وتراه يقطع إجازته الأسبوعية في حال غياب أحد العمال بداعي المرض أو لأسباب أخرى فترى جيري وقد حضر في يوم عطلته وعلى وجهه ابتسامة عريضة لانه سوف يكسب عشرات الدولارات الإضافية على أساس إن أية ساعات إضافية فوق الأربعين تحسب الساعة الواحدة ساعة ونصف وهنا تكمن سعادته وابتسامته العريضة الواضحة والبادية للعيان ويتندرموظفو وعمال الشركة التي يعمل فيها جيري كيف انه قطع إجازته السنوية والتي هي عبارة عن أسبوعين راحة وحضر إلى الشركة ليعمل عوضاً عن احد العمال الذي احتاج إلى يوم احد لحضور حفلة زفاف فما كان منه إلا أن اتصل هاتفيا بجيري وقبل هذا الأخير الأمر وعمل ذلك النهار واصبح من يومها مثالا للتندر والضحك من قبل باقي الموظفين والعمال .
يعيش جيري في احدى المساكن الحكومية المجانية بعد أن هجرته زوجته وأولاده الثلاثة لشدة بخله وعدم استعداد لصرف أي مال عليهم فضاقت زوجته ذرعا بذلك واختارت لنفسها حياتها الخاصة بعيدا عن جيري وبخله الذي أصبح لا يوصف ، وهو كان أسرّ في أذن أحد موظفي الشركة أنه اصبح على مقربة من المئتي ألف دولار جمعها دولارا وراء الأخر وبعد أن وعد زميله في العمل بأن يبقى هذا الأمر سرا انتشر هذا الخبر بسرعة بين العمال والموظفين وكان أسرع من النار في الهشيم فأصبحت قصة جيري وامتلاكه للمال الوفير على كل شفة ولسان وأصبحت سيرته هي المادة المفضلة في كافتيريا الشركة والتي يربو عدد الموظفين فيها قليلاً عن الخمسة آلاف عامل وموظف تقريباً !!
تنظر إلى جيري فتجد البؤس في عينيه وعلى تعابير وجهه وما هي فائدة مال الدنيا كله عندما يخسر الانسان نفسه وعائلته وأصدقائه لأنه اختار لنفسه البخل والتقشف لأبعد الحدود وانضم إلى كل هذه الأمور مجتمعة الحسد فكانت مجموعة من أبغض الصفات التي يمكن إن تلازم إنسان في حياته على كافة الصعد إن هذا المجتمع الغربي المادي جعل الانسان يتحول إلى ما يشبه الآلة المجردة من الأحاسيس والمشاعر الإنسانية التي يحتاجها كل فرد منا .
                                   على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                               علي   ابراهيم   طالب
                             وندسور    كندا
                           للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                  الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
   FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                 الجمعة   26  نيسان    2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x