بقلم علي إبراهيم طالب

مجلة الحوادث – لندن

عدد 2004

مجلة نور الإسلام – بيروت

31 آذار 1995

بعد الحملة العنيفة التي شنتها فرنسا وبعض الدول الأوروبية في الأشهر القليلة الماضية حول مسألة الحجاب الإسلامي في المدارس والجامعات، لاسيما في فرنسا حيث يبلغ تعداد الجالية الإسلامية هناك حوالي 5 ملايين مسلم، يبدو أن حمى العنصرية والانحياز الفاضح قد وصلت بوادرها إلى كندا وإلى مقاطعة كيبك الفرنسية تحديداً حيث بادرت إحدى مدارس مونتريال إلى طرد فتاة تبلغ من العمر 15 سنة، وقد شاهدت فعلاً برنامج خاص عن هذا الموضوع على شاشة شبكة CBC الكندية تحدث عن هذا الموضوع بإسهاب. المهم في هذا الأمر وأنا أعالج هذه المسألة عبر هذه السطور ومع احترامي الشديد لكل الديانات والمثل السماوية التي مانزلت يوماً إلا لما فيه خير ومصلحة البشر على جميع الصعد، ألاحظ بأنه كان المستهدف في هذه الحملة الحجاب الإسلامي دون غيره من مظاهر اللباس بشكل عام في بلد مثل كندا بحيث تلاحظ أن الشخص القادم من البنجاب في الهند يعتمر عمة على رأسه والحال كذلك بالنسبة لليهود فهم يعتمرون القلنسوة على رؤوسهم وهناك العديد من الأمثال الأخرى. لماذا الحجاب الإسلامي إذاً هو المستهدف؟ أعود وأكرر بأنه وأنا أطرح هذا الموضوع على بساط البحث لا أتحيز إلى الدين الإسلامي بشكل عام ولكن مسألة الحجاب وغطاء الرأس هي مسألة مهمة جداً للمرأة في الدين الإسلامي وبالتالي فإن لهذا الأمر مردوداً سلبياً جداً إذا ما استمرت إدارات المدارس في قرارها هذا بطرد كل طالبة مسلمة ترتدي الحجاب الإسلامي.

ضمن البرنامج التلفزيوني الذي شاهدته يسأل المذيع والد هذه الفتاة العربية عن رأيه في هذا الموضوع، فيرد هذا الوالد “بأنه عندما حضر إلى كندا كان يظن أنه بلاد حرية الرأي والمعتقد، ولكنه فوجئ بإدارة المدرسة تطرد إبنته لأنها تلبس الحجاب وهذا ما لم يكن يتصوره أو يخطر بباله على الإطلاق.

وأضاف بأنه يشعر بالحزن الشديد على قرار المدرسة وأنه لا يستطيع أن يفرض على ابنته أن تخلع الحجاب لكي تسمح لها المدرسة بأن تعود إلى دراستها كالمعتاد. ما يحيرني ويؤلمني في هذه البلاد أن نظرتهم ومعرفتهم عنا كعرب ومسلمين جداً سطحية وتعتمد على الصورة المشوهة التي يصورونا بها الإعلام الغربي على الدوام.

إنه أمر مستغرب أن يحصل هذا الأمر في دولة يحتل البند المتعلق بحرية الإنسان في معتقده وتفكيره وبالتالي طريقة ملبسه، يحتل هذا الأمر صدر القانون والدستور الكندي.

لماذا هذا التركيز على مسألة الحجاب الإسلامي لاسيما إن عدة وسائل إعلام كندية من مرئية ومكتوبة ركزت على هذا الأمر ودعت إلى منع كل الطالبات المحجبات من دخول المدارس حتى يخلعن الحجاب. لم أطرح هذا الموضوع لكي أفرق بين الدين الإسلامي والمسيحي لا سمح الله ولكن المسألة تحتاج إلى جهد حثيث لمعالجة هذا الأمر بشكل جدي وصريح. المسألة الآن مازالت محصورة في عدة مدارس في مونتريال ولم تنتشر في جميع أرجاء كندا حتى الآن على المدى المنظور، والمطلوب المزيد من العمل لشرح أهمية الحجاب الإسلامي وغطاء الرأس بالنسبة للمرأة المسلمة، لاسيما في هذه البلاد بحيث للفرد أي فرد الحرية في طريقة تفكيره ومعتقده وبالتالي حريته في ممارسة شعائره الدينية ضمن الأطر والقوانين الكندية المرعية. لم أشاهد طيلة حياتي أي راهبة جليلة سواء في لبنان أو هنا أو أي مكان آخر، إلا وقد لبست الرداء الطويل وغطت رأسها بمنديل مما يضفي عليها الاحترام والمهابة.

المطلوب ترك الإنسان أن يمارس شعائره مثلما يريد لاسيما في هذه البلاد التي تدعي الحضارة والتقدم ليشعر المرء أنه فعلاً حر بما يشاء وقادر على الاحتفاظ بحريته على الدوام.

دعوا كل إنسان أن يمارس شعائرة الدينية كما يرى من ناحية الملبس أو الممارسة على صعيد الحياة اليومية. قرأت مؤخراً مقالاً في إحدى المجلات يشير إلى أن الدين الإسلامي أصبح يحتل المركز الثاني في عدة دول ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية وكندا والبرازيل والأرجنتين وعدة دول أخرى، والحري بهذه الدول أن تحترم هذا العدد الكبير. مشكلتنا في هذه البلاد كعرب ومسلمين بأن صورتنا مشوهة لأن وسائل الإعلام هنا يسيطر على معظمها اليهود، وبالتالي ليس من مصلحة اليهود إظهارنا وكأننا شعب حضاري له تاريخ وتراث عريق.

الدين الإسلامي هو دين علم وتقوى وهو دين الدفاع عن الحق وإزهاق الباطل.

ليس من المسموح أبداً من أي دولة كانت أو علا شأنها أن تتخذ من مسألة الحجاب الإسلامي ذريعة لتهاجم الدين الإسلامي وتنعته بشتى الأوصاف، والمثال على ذلك السيء الذكر الكاتب الفاشل سلمان رشدي الذي وبقدرة قادر تحول من كاتب عامود في إحدى الصحف إلى مثال للجدل بعد أن تجرأ وتعدى بالكلام على أقدس مقدسات المسلمين من خلال كتابه المشؤوم آيات شيطانية.

إلى المزيد من الوعي والانتباه لكل ما يجري ويحدث في عالمنا المتقلب هذا، بالعودة إلى تعاليم الله تعالى المبنية على المحبة والسلام والعدالة، وهو ما أقرته جميع الديانات والأعراف السمانوية في سبيل عالم تسوده العدالة ويرفع من قاموسه كلمات كالقهر والظلم والعدوان.

أملنا بالباري عز وجل كبير، إن الله تعالى على كل شيء قدير.

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x