تواضع خلود
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
العدد – 2254
  14 ك٢ 2000
جميع من عرفوا خلود وهي طفلة كانوا يدركون لا بل كانوا متأكدين من ان حركات هذه الطفلة في سنواتها الأولى كانت توحي بأنها ستصبح شيئاً ما في احد الايام .
كانت خلود تجلس مع الكبار تستمع اليهم وتتدخل في الحديث احيانا وتعمد في بعض المرات الى تقليد أصوات وحركات الضيوف الكثر الذين كانوا يزورون منزل والديها على الدوام وهي في سنوات الدراسة الأولى ،  كانت في كل مرة تسأل عن المهنة التي ستتقنها عندما تكبر كانت خلود تجيب بكل براءة الطفولة   : ( أريد ان اصبح مذيعة في التلفزيون ).
ومرت الايام  في  حياة خلود  فبعد مرحلتي الحضانة والدراسة الابتدائية ومن بعدها التكميلية وجدت خلود نفسها على أبواب دراسة شهادة الثانوية العامة  ، وهي التي كانت تدرك بأنها لو نجحت في الامتحانات الرسمية للشهادة الثانوية فان هذا الأمر سيكون جواز المرور لها للدخول الى الجامعة والى كلية الإعلام والصحافة تحديداً وفعلاً تقدمت خلود بامتحاناتها الرسمية وحصلت على علامات عالية وحصلت على شهادة الثانوية العامة بدرجة تفوق وبدأت بتحضير نفسها للدخول الى المجال الذي تحبه منذ الطفولة وهو مجال الإعلام والصحافة وهو ما كانت تمني النفس بأن تحصل عليه بعد مجهود الدراسة وسهر الليالي المستمر .
وفعلا تقدمت خلود بطلب الدخول لكلية الإعلام وحرصت أثناء امتحان الدخول ان تحقق علامات مرتفعة لتدخل الى هذه الكلية بجدارة بسبب علاماتها الممتازة .
وظهرت نتيجة الامتحان وكان اسم خلود من بين أسماء الفائزين بالدخول لكلية الإعلام وبدأت بتحضير نفسها لبدء الدراسة وكانت بغابة الشوق والحماس للدخول الى هذه الكلية والجلوس على مقاعدها الدراسية وبدا حنينها لهذا الأمر كلقاء حبيبين عاشقين بعد طول هجر وجفاء !
منذ اللحظة الأولى لدخول خلود الى الكلية وضعت نصب عينيها هدفاً واحداً ومؤكداً وهو الحصول على أعلى درجات وعلامات ممكنة وكانت تعمل على هذا الأساس فلا جلوس طويل في الكافيتريا  ،  ولا إضاعة وقت أثناء الدرس بل كانت خلود حريصة على الا تغيب عن محاضرة واحدة مهما كانت الاسباب أو الموجبات لهذا الأمر وهكذا سارت الأمور مع خلود على احسن ما يرام واجتازت السنة الأولى بنجاح كذلك الثانية والثالثة واستعدت للسنة الرابعة سنة التخرج بكل ما عندها من جهد وعمل وإرادة قوية تنم عن النجاح والتفوق على الدوام   ، ولم تكد السنة الرابعة تمضي حتى كانت خلود تجلس في الصفوف الأمامية للمتخرجين الجدد من كلية الإعلام ووسط التصفيق الحار من زملائها وأهالي المتخرجين  .
 نودي على اسم خلود لانها أحرزت المركز الأول على مستوى الجامعة كلها وتقبلت خلود التهاني من أهلها وزملائها وسط قبلات الفرح والزهور المنوعة التي ملأت أرجاء القاعة .
تخرجت خلود وهي على يقين بأن النتيجة التي احرزتها إضافة الى جمالها الخارجي سيكونان بجانبها للتقدم الى احدى محطات التلفزيون التي كانت بحاجة لمذيعات ومذيعين جدد  ، وتقدمت خلود وابتسم لها الحظ مجددا وفازت بمسابقة المذيعة الجديدة في تلك المحطة واستعدت خلود لكي تظهر على الهواء مباشرة في برنامج بث مباشر وهذا الأمر يتطلب مجهوداً كبيراً وفعالاً للوصول الى نتيجة مميزة وبدأت خلود بتقديم البرنامج  تلو الآخر وعرفها المشاهدون وأحبوا فيها بساطتها وطيبتها الواضحة وأصبحت مشهورة في كل مكان تتواجد فيه كان يشار إليها  ، ولم يؤثر هذا الأمر عليها فكانت اشد تواضعاً من قبل وظلت وفية لأصدقائها ومعارفها ورفضت الزواج من عدد من الشخصيات المهمة في البلد لماذا ؟
لانها فضلت عليهم ( عماد ) زميلها في الكلية والذي ظن بينه وبين نفسه ان مسافة اصبحت تفصل بينه وبين خلود خصوصاً بعد الشهرة الواسعة التي نالتها ،  ولكن  خلود لم تستمع الا  لنبضات قلبها   التي  كانت  تميل    الى عماد  نفسه  الشاب  البسيط  المكافح  في تلك الحياة والتي  اعطته الحياة  وجهها  القاسي  والاليم  على الدوام  .
     تزوجت خلود من عماد وهو الإنسان البسيط المكافح الذي كان يعمد احيانا الى السير على أقدامه من والى الجامعة لانه لا يملك أجرة السيارة .
ولكن كل هذه الأمور كانت لا تتوقف خلود عندها وهي تشعر في قرارة نفسها انها ستعيش حياة ملؤها السعادة والفرح مع عماد  ،  لقد كانت تدرك ان السعادة الحقيقة هي سعادة المشاعر والأحاسيس وليست المادة والمال .
تعيش خلود حياتها اليومية تزينها على الدوام ابتسامة رقيقة عطرة ويلازمها على الدوام شعور إنساني خالد وهو التواضع !
انها  باختصار  خلود  التي   لم ولن تتغير  مهما   حصل  في حياتها المهنية من تغييرات  لانها حافظت على انسانية الانسان داخلها  على مر السنوات  والظروف  .
                               على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                               علي   ابراهيم   طالب
                             وندسور    كندا
                           للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                            FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                              السبت   4   أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x