أحاسيس صابر الدافئة

أحاسيس صابر الدافئة
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
العدد 2258
الجمعة 11 شباط 2000
استيقظ صابر عند الخامسة فجراً في ذلك الصباح الباكر والبارد من منتصف شهر كانون الأول ،  ألقى نظرة سريعة من شباك غرفته فرأى كل شيء وكأنه قد غرق  في سبات عميق وشعر ببرودة الطقس عندما وضع يده على الشباك الزجاجي وجال بنظره على الأنوار التي كانت تتلألأ في كافة أرجاء المدينة والتي اختلطت مع الأنوار الملونه التي كانت تتزين بها البيوت وذلك بمناسبة عيدي الميلاد المجيد ورأس السنة .
كان اول عمل يقوم به صابر فور قيامه من النوم هو تحضير فنجان القهوة الصباحي وفي هذه الأثناء ينهمك بحلاقة ذقنه استعداداً ليوم اخر من العمل الشاق والمضني  الذي  يقوم  بها كل  صباح   .
غادر صابر منزله عند السادسة والربع متوجها الى مقر عمله إذ كان عليه ان يبدأ عمله عند السابعة صباحاً يومياً على مدى خمسة ايام في الأسبوع على ان تكون عطلته الأسبوعية يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع بعكس ما  هو  متعارفاً عليه ان تكون العطلة الأسبوعية المعروفة وهي يوما السبت والأحد .
كان صابر يقصد مقر عمله يوميا مشيا على الأقدام ومضى يسير في الشوارع المؤدية الى مركز عمله أحس صابر بلفحات من البرد القارس جعلته يشعر وكأن وجهه تحول الى لوح من الثلج المتجمد !!
كان صابر يتذكر دوما انه كان يقرأ في كتب الجغرافيا ان كندا هي بلاد الصقيع والثلج ولكن كانت تتردد داخل مسامعه مقولة ذلك المهاجر اللبناني الذي يعيش في كندا منذ سبعين عاما الذي كان يردد على مسامع صابر وبلغة عربية غير واضحة :
( يا عمي طقس هالبلاد بارد كثير وتشعر ان البرد يدخل الى عظامك ) !!
تابع صابر سيره نحو عمله وأحس بنوع من القشعريرة تسري في جسمه من جراء برودة الطقس لان صابر كان يسير في عكس الهواء البارد الذي يلفح وجهه ولا سيما أذنيه اللتان  شعر انه  لمرات عديدة وكأنهما قد ازيلتا من مكانهما من جراء البرد والصقيع الشديدين !!
كانت الإرشادات التي تصدر من دوائر الحكومة تشدد على المواطنين بان ينتبهوا ويحترسوا من البرد القارس بأن يكون الحذاء من النوع  القوي  والذي  يحتوي  على  الصوف  من الداخل وان يكون اللباس جيدا وقويا لمكافحة البرد الشديد إضافة الى المعاطف الثقيلة المخصصة للثلج وتغطية اليدين بكفوف من الصوف أو الجلد  ، والاهم من هذا كله وضع غطاء صوفي للرأس لتغطية الأذنين وهذه الأخيرة كان صابر لا يطيق رؤيتها أو وضعها على رأسه ربما كي لا تفسد عليه تسريحة شعره مثلما كانت والدة صابر تردد عل مسامعه من خلال رسائلها أو عبر الاتصال الهاتفي التي كانت والدة صابر تختم هذا الاتصال الهاتفي ( بأن لا تنس ان تضع غطاء الرأس المصوف على رأسك يا ولدي الحبيب ولا تكترث لشعرك فانك تستطيع إصلاحه بعدة دقائق )!!
في الوطن الحبيب لبنان كان صابر يستمع في الأمثال الشعبية والعامة الى مثل يقول ( البرد سبب كل علة ) ومثل آخر يقول  :
( الدفا عفا ولو في عز الصيف ) .
اي ان على المرء ان يقاوم البرد ويستعد له لا سيما في بلاد الصقيع والثلج كندا !
لم يستطع الطقس البارد والمثلج في كندا من التأثير على دفء شعوره واحاسيسه نحو وطنه الحبيب لبنان تحديداً والى كافة الأقطار العربية الشقيقة بشكل عام .
كان صابر ولم يزل يعتقد بان لوجود اي انسان عربي في هذه البلاد أسبابا   قد تكون خاصة باي فرد أو ربما تكون عامة لطلب عيش افضل أو من اجل الدراسة وما الى ذلك ،  وكان يعتقد ان لكل انسان في هذه الحياة دوراً معيناً يجب ان يؤديه الانسان بغض النظر عن الظروف التي تحيط بكل حياة شخصية لأي واحد منا صابر ليس أنانيا ولم يفكر يوما من الايام بنفسه فقط بل كان هم صابر وحتى قبل ان يهاجر الى كندا هو الشعور بخدمة المجتمع الذي يعيش فيه وبقدر ما كان يستطيع مد يد المساعدة كان لا يتوانى عن  تقديم كل شيء في سبيل المصلحة العامة وفائدة مجتمعه .
ان ثلوج العالم كله لو اجتمعت فسوف لن تغير ولو قيد أنملة مشاعر صابر واحاسيسه تجاه وطنه وأهله ومن يحب !
                              على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                               علي   ابراهيم   طالب
                             وندسور    كندا
                           للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                            FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                الاحد   5     أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x