حرية المجتمع الغربي المتحضر

بقلم علي إبراهيم طالب

صدى المشرق – مونتريال

على مقاعد الدراسة في الثانوية العامة كان يقضي تيري و مينا وكلاهما في السابعة عشرة من العمر ، اغلب الوقت سويا فهما في نفس الصف الدراسي ويعيشا في نفس المدينة الكندية ، يخرجا من المدرسة سويا الى حدائق المدينة كافة يبقيا سويا الى ساعات متأخرة من الليل ومن ثم يعود كل واحد منهما الى منزل عائلته.

في احد الايام غابت مينا عن المدرسة لعدة ايام ، قصد تيري منزل والدتها التى تعيش بمفردها بعد ان تركها زوجها ومضى ليعيش مع امرأة اخرى في مدينة بعيدة ، سأل تيري الام عن مينا فقالت له انها مريضة بعض الشيء وهي تريد ان تتحدث معه بامر ما ( اي الام ) وقالت الام ان ابنتها حامل في شهرها الرابع وطبعا انت والد الطفل او الطفلة التى تحملها ابنتي في احشائها !! طبعا لم يستوعب تيري القصة وغادر منزل الام وقرر ان ينتقل الى مدينة اخرى حالما يبلغ عامه الثامن عشر بعد عدة اشهر . انقطع تيري عن الذهاب الى المدرسة وعلم لاحقا ان مينا انجبت طفلا وبعد شهرين فقط من ولادة ابنها توفيت والدتها بشكل مفاجئ وشعرت مينا انها وحيده في هذه الدنيا مع طفلها الوليد فقررت مغادرة المدينة لتعيش في مقاطعة كندية بعيدة جدا عن مكان ولادتها فحملت ابنها واستقلت الطائرة الى المكان الذي اختارته للعيش فيه .

مرت سنوات وكبر (براين ) ابن مينا وبلغ عامه الثامن ولان الاحزان عندنا تأتي فانها تأتي مجتمعة في احيان عديدة فان مينا تعرضت لحادث سير عنيف ما ادي الى وفاتها على الفور . عمدت السلطات في تلك المدينة الى نقل براين الى احدى المراكز الاجتماعية الحكومية ولم يمر الا شهرين حتى تقدمت احدى السيدات بطلب للتبني الطفل براين بعد ان قرأت قصة والدته في الجرائد وانتقل براين ابن التسع سنوات ليعيش مع امه بالتبني هذه المرة الى ان بلغ عامه الثامن عشر كان براين يحتفل مع اصدقائه بعيد ميلاده فبادرت والدته الى اخباره حقيقة انه ليس ابنها الحقيقي واخبرته عن قصة امه الحقيقية التى ماتت بحادث سير مروع وعمدت والدته بالتبني الى اعطائه اسم عائلتها ولما قرر زيارة المركز الاجتماعي الذي تم نقله اليه بعد وفاة والدته عرف ان مكان ذلك المركز ترتفع بناية سكنية شاهقة نحو السماء .

اذن براين اضحى انسان حائر وهائم على وجهه لا يعرف من هو ابوه وما هو اسم والدته الحقيقية لانها عمدت الى تغير اسم عائلتها ايضا واسمها الحقيقي انتقاما على ما يبدو من والد براين الحقيقي تيري اضحى براين ينتقل من برنامج تلفزيوني اجتماعي الى اخر ، يطلب المساعدة حتى وصلته دعوة من احدى اشهر مقدمات البرامج واستضافته في برنامجها كضيف رئيسي ووحيد ، عسى ولعل يتعرف عليه احد ما ويخلصه من ذلك العذاب الاليم الذي يعيش فيه منذ اللحظة التى اخبرته والدته بالتبني الحقيقة المرة والخبر الذي نزل على رأسه نزول الصاعقة ! كان براين يقول ويردد على الدوام ( يا حبذا لو استفيق يوما على جرس الهاتف ليبلغني الشخص الاخر على الخط النبأ السعيد والمفرح، انا والدك الحقيقي ! حبذا لو يحصل هذا الامر ؟!!

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x