منطق صابر في الحياة

منطق صابر في الحياة
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور –  كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل إلى المحرر
رقم العدد – 2205
الجمعة 5 شباط 1999
عندما وصل صابر إلى كندا في العام  1991 ، لم يكن يراوده أدنى شك بأنه سيقبل بأي عمل يستطيع ان يحصل عليه مهما كانت نوعية هذا العمل ، بشكل عام .
 وبالفعل لم يكد يمضي على وصول صابر اكثر من ثلاثة أسابيع حتى كان صابر يلبس ثياب المطبخ البيضاء ويقف خلف آلة جلي الصحون الضخمة في احد مطاعم المدينة ، ليعمل لعدة ساعات محددة في الأسبوع ، كانت على الأغلب ايام الجمعة والسبت والأحد حيث يزدحم هذا المطعم المشهور برواده وتستمر الحفلات والمناسبات فيه الى طلوع الفجر وصابر يجلي ويجلي ويردد ربما بينه وبين نفسه :« يا ألهي من اين تأتي كل هذه الصحون والأواني الزجاجية والطناجر المعدنية )!
  صابر هو من النوع القنوع في الحياة لا يتأفف ولا يعترض على رزقه في هذه الحياة وان كان يلازمه طموح بأن يصل يوما ما إلى ما يصبو اليه ويطمح .
على مدى ثماني سنوات من وجود صابر في هذه البلاد كان ينتقل من عمل الى اخر  ،  فمن جلي الصحون في احد المطاعم الى العمل في احد الأفران العربية ( ويذكر صابر انه عمل في هذا الفرن في شهر آب حيث درجة الحرارة في هذا الشهر ترتفع بشكل غير معقول وزيدت إليها حرارة الأفران واللهب ، بحيث أضحى هذا الفرن وكأنه ساحات لهب وحر شديد لا يطاق )  ،   وانتقل صابر بعد ذلك للعمل في عدة أمكنة مختلفة فعمل في سوق الخضار وفي شركة لصناعة قطع السيارات وبعد ذلك في شركة لتنظيف المباني وفي
هذه الأخيرة كان على صابر ان يعمل يوميا من العاشرة ليلاً وحتى السادسة صباحاً وعمل في هذه الشركة. لمدة سنة كاملة .
بعد ذلك انتقل للعمل في احدى المزارع المتخصصة بزراعة الفطر المعد للطعام في مدينة ثانية غير التي يسكنها صابر ، ويتذكر على الدوام انه كان عليه ان يستيقظ عند الرابعة من فجر كل يوم لكي يستقل السيارة التي كانت تنقل العمال عند الخامسة من صباح كل يوم
والمسافة كانت تحتاج الى حوالي 45 دقيقة لانه كان على صابر وبقية العمال التواجد في المزرعة قبل ان تشير الساعة الى السادسة صباحاً .
 يصادف صابر في حياته اليومية نماذج مختلفة من أخوة وأخوات عرب أتوا من عدة بلدان عربية شقيقة ويجمعهم ربما هدف واحد وهو العيش في مجتمع هادئ وهانئ إضافة الى ما يخبئه كل انسان من طموح ومشاريع في عقله على المستوى الشخصي ، ولكنه اي صابر يشعر بقليل من عدم الرضا من أشخاص عرب حضروا الى هذه البلاد ولا يزالون يحملون معهم عقلية بأني ابن فلان ومستوى عائلتي لا يسمح لي بالقيام باي عمل يعرض علي ، أو انا كنت كذا وكذا في وطني ولا أريد ان اعمل اي عمل يقول صابر ان علينا ان نكون واقعيين في هذه الحياة وان نعترف بأننا امام أمر واقع معاش وملموس وعلينا ان نكون منطقيين فوالله يقول صابر ( باني مستعد لأي عمل يعرض عليّ مهما كانت نوعيته وأجره ، على ان اجلس في المنزل ، أو أدور في الشوارع لانتظار ما تجود به الحكومة عليّ من مساعدات الضمان الاجتماعي ).
 صابر ومنذ عرفته يُفكر  دائما بمنطق وحكمة وكل خطوة يقدم عليها يشبعها درساً وتفكيرا للوصول الى نتيجة مؤكدة وناجحة وتستمر مسيرة صابر في هذه الحياة ، يمد يد المساعدة الى كل من يحتاجها من العرب المقيمين في هذه البلاد ، وهو على مدى ثماني سنوات من وجوده في كندا حمل شعار ( في خدمة قضايا العرب على كافة المستويات ) سواء داخل كندا أو الولايات المتحدة أو اي بقعة اخرى من العالم .
 يقول صابر : وجدنا في هذه الحياة لنكون متماسكين ومترابطين لأننا كعرب ومن اي قطر عربي شقيق أتينا تجمعنا عادات وتقاليد جميلة ومفيدة في آن ، فإذا طلب احدهم المساعدة منك فلا تبخل لأنك بذلك تكون قد أرضيت الله تعالى وأرضيت ضميرك وساعدت صاحب الحاجة تلك .
هكذا صابر عهدته محباً مخلصاً وصادقاً على الدوام وإذا سألته يوماً ماذا تستفيد من تقديم هذه الخدمات والمساعدات ومن وقت راحتك الشخصية وعلى حساب عائلتك أحياناً يبتسم ويردد مقولته المعهودة : كلنا في هذه الدنيا زوار  وما  على الزائر  سوى  الرحيل .
غداً تذهب أجسادنا وتبقى أعمالنا الصالحة ولا شيء سواها .
انه بكل اختصار  صابر  .
                                                على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                   الاربعاء  15    أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x