حنان أب
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
رقم العدد 2243
الجمعة 29 ت١ 1999
نشأ أبو صابر في كنف أبوين طاهرين ، في أحدى البلدات العاملية الواقعة على الحدود مع فلسطين المحتلة في الجنوب اللبناني الحبيب ، وهي بلدة بنت جبيل .
كانت العائلة تعيش كما غيرها من العائلات في تلك البلدة ، حياة تسودها المحبة والطيبة والعفوية وكانت تتألف من الوالد والوالدة وأبو صابر وشقيق له ، وشقيقه هذا كان يكبره بعدة سنوات من العمر .
وحصل في احد الايام ان والد أبو صابر كان يقوم بعمله كالمعتاد ، وهو نقل البضائع بين بلدته والقرى المجاورة ، عندما اعترضه بعض اللصوص المجرمين في احد الأودية ، وسلبوه ما كان يحمله من بضائع ونقود ولم يكتفوا بذلك ، بل عمدوا الى إطلاق النار عليه فأردوه قتيلا وتركوه لساعات طويلة يتخبط بدمائه حتى طلوع الفجر ، عندما وجده احد المزارعين وابلغ من يعنيهم الأمر بهذا الخبر الأليم .
 عندما وصل خبر مصرع والد أبو صابر الى بلدته ، تجمع كل أهالي البلدة في ساحتها العامة مستنكرين هذا الأمر ، وتلك الجريمة التي استهدفت احد وجوه ورموز الخير  تلك البلدة ،فيما انهمك عدد اخر من أبناء البلدة بالتحضير للذهاب في موكب واحد ومهيب ، لإحضار الجثمان الطاهر تمهيدا لمواراته الثرى في الأرض التي احبها على الدوام ودافع عنها ضد اي محتل غاصب ، الا وهي ارض بلدته الحبيبة بنت جبيل .
في تلك المراحل العصيبة والمؤلمة التي مرت فيها عائلة أبو صابر ، لم يستطع هذا الأخير وعلى الرغم من صغر سنة ان يستوعب ما يحصل ويجري من أمور وأحداث حوله ، كل ما عرفه يومها وما استطاع ان يتذكره وبعقل طفولي ، ان والدته اتشحت بالسواد كما باقي النسوة في البلدة ، الذي لبسن الأسود أيضاً لمواساة هذه العائلة في هذا المصاب الجلل والمؤلم على كافة الأصعدة ولا سيما على أبي صابر وأخيه .
ولان المصائب عندما تحل فإنها تأتي مجتمعة ، فلم يكد يمضي عدة اشهر على وفاة والد أبو صابر ، حتى انتقلت والدته الى رحمة الله تعالى ، ليواجه أبو صابر وشقيقه حالة اليتم بشكل مؤلم وفظيع هذه المرة .
شعر أبو صابر وهو الطفل الصغير انه الآن وشقيقه وحيدان في الحياة ، دون معيل أو لمسة حنان بعد وفاة والديهما ، والمفارقة المؤلمة ان عمر الطفلين أبو صابر وشقيقه لم يتعد أصابع اليد الواحدة ، ليواجها هذه الحياة بكل مرارتها وقسوتها كيتيمين هذه المرة بعد ان فقدا اعز ما يملكان في هذه الدنيا وهما والدهما ووالدتهما ، على اثر وفاة والدة أبو صابر وأخيه ، انتقلا للعيش في كنف أسرة احد الأشخاص في البلدة ، وبعد حوالي الشهرين انتقل شقيق أبو صابر برعاية تلك الأسرة التي تكفلت برعايته والاهتمام به .
أدرك أبو صابر طعم اليتم بشكل ملموس ، عندما لم يستطع تأمين البيض والخبز للشيخ الذي كان يتولى تدريس أولاد البلدة اللغة العربية والقرآن الكريم ، وبالتالي بقي أبو صابر في البيت  بعد ان  حرم من نعمة القراءة والكتابة لضيق ذات اليد   فحالة الفقر والحرمان    حرمت  ابو صابر  وشقيقه    من كل نعم هذه الحياة والعيش  كطفلين  بعد ان قست عليهم هذه الحياة وأخذت منهم الوالدين  وفي عمر صغير فعاشا الفقر المدقع   واليتم  باقسى صوره   الاليمة  في هذه الحياة القاسية عليهما الى ابعد   الحدود  .
ولان للظلم مكانه في هذه الحياة تابع أبو صابر مشوار حياته بكل عزة نفس وكبرياء حتى اخر يوم من حياته الشريفة حتى انتقاله الى رحمة الله تعالى وهو ذاهب الى عمله وبذلك يكون الوالد المحب والحنون الذي أعطى ومن كل قلبه الطيب وحتى اخر يوم من حياته الشريفة والطاهرة   حيث   ترقد  روحه   في جنات النعيم   وهو الذي قضى كل حياته محبا لكل الناس  ولم يعمد  الى ايذاء احد  طيلة حياته ويشهد له  بهذا الامر كل من عرفه   وعرف فيه انسانية   مطلقة  ومميزة  على الدوام  .
                                             على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                       الاثنين  20          أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x