تجارة عمل الأطفال في العالم

تجارة عمل الأطفال

بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رقم العدد 2114
الجمعة 9 آيار 1997
نشرت احدى المجلات الكندية الأسبوعية الواسعة الانتشار تحقيقاً مذهلاً ورهيباً عن مسألة تدور رحاها في شتى أنحاء العالم تقريباً الاوهي « عمل الاطفال دون سن الثامنة عشر »  ، والحقيقة أذهلني هذا الأمر وما ورد فيه من تعرض الطفولة البريئة الى طمع وجشع المحتكرين في سبيل الحصول على إنتاج وفير بأيدي أطفال صغار حولتهم نفوس بشرية مريضة الى مجرد أدوات في أعمال شاقة ومتعبة تصل في بعض الاحيان الى العمل  بين 12 ساعة و 18 ساعة يومياً وبأجر أقل ما يقال عنه انه زهيد وغير عادل على الإطلاق .
يقول هذا التحقيق ان الاطفال يوضعون في اماكن عمل خطرة وتحتاج الى أجسام قوية مكتملة لتقوم بهذا الأعمال التي يقوم بها أطفال بؤساء جنت عليهم الظروف الحياتية القاهرة  ، ووضعتهم في أعمال شاقة بدلاً من ان يتلقوا تعليمهم أسوة بما هو متعارف عليه في هذه الحياة .
يورد التقرير أسماء بلدان عديدة ومنها الهند التي يتراوح عدد الأطفال الذين يعملون في هذه الدولة من 75 الى 115 مليون طفل من اصل 800 مليون نسمه هو عدد سكان هذه الدولة على الأرجح !!
وبهذا تحتل الهند المرتبة الأولى في العالم في تشغيل الأطفال القاصرين  ، وتأتي في المرتبة الثانية باكستان حيث يبلغ عدد الأطفال العاملين بثمانية ملايين طفل ، ونيبال يوجد فيها خمسة ملايين وسبعمائة الف طفل عامل ، في الفليبين يوجد خمس ملايين وخمسمائة الف طفل عامل ، وتأتي بعدها الصين بمعدل خمسة ملايين طفل عامل ، ومن ثم بنغلاديش بحوالي مليونين وثمنمائة الف طفل عامل ، ويتابع التقرير الصحفي هذا ليورد ان إندونسيا فيها حوالي مليونين وأربعمائة ألف طفل عامل ومن ثم تايلند بنسبة مليون ومائة الف طفل عامل ومن ثم سري لانكا التي يوجد فيها 500 الف طفل عامل تحت السن القانونية .
يسأل المرء نفسه ماذا حلّ بهذا العالم ولماذا قست قلوب البعض واستوطن داخلها البعض والكراهية وعدم الرحمة ، هل لكم ان تتصوروا معي أيها الأحبة  أن  طفلاً في السابعة أو التاسعة من عمره يقاسي من مشقة العمل في منجم للفحم في أقاصي بلاد الهند وقد انهكه العمل المتواصل والطويل فبدا منحني الظهر وهو لما يكمل العاشرة من عمره بعد  ؟؟ !
تقتُلني وتُعذبني الى الأبد دمعة في عيون طفل مقهور أو معذب على وجه هذه المعمورة .
طفل في عمر الرياحين يفترش الشوارع العامة ويجول أرجاء المدينة ليبيع ما يحمله من بضاعة على كتفيه في سبيل الحصول على بعض المال لمساعدة عائلته المكوّنة على الأغلب من عدد كبير من الأطفال أمثاله ينتظرون بصبر لقمة العيش المغمسة بالعرق والدم احيانا .
مكان هذا الطفل المعذب ايها السادة هو مدرسة ومكان امن  ،  ولعلي  بهذا الطقل المسكين لا يجد  حتى المكان  المناسب  ليعيش  فيه  فتراه   يفترش  الارض  ويلتحف السماء   في مشهد  مأساوي وحزين الى ابعد  الحدود  .
مكانه مقعد دراسة يعطيه العلم والمعرفة بدلا من عذاب ومشقة العمل المرهق لمن في مثل سنه .
قد تكون هذه المسألة بعيدة نسبياً عن عالمنا العربي وما يتميز به هذا المجتمع من روح التسامح والفضيلة والرفق بالأطفال وكبار السن على حد سواء  وان كانت  هذه الحالة موجودة في بعض البلاد العربية   وقد شاهدت  عدة  تقارير تلفزيونية  ومقالات  صحفية تتحدث عن هذا الموضوع   الانساني  بأمتياز  والذي  بحاجة الى معالجة جذرية وفورية   سريعة  .
وقد تراني غير مصدّق ان يحصل هذا الأمر من تشغيل للأطفال في أعمال قاسية وصعبة في البلاد العربية   ، ولكن التمني  شيء   والواقع  على الارض  شيء  مختلف  تماما   عما  نتمناه  كبشر  جميعا  .
نعم قد يعمد البعض الى تشغيل أولاده معه في مؤسسة يملكها ربما أو عند صديق ما في الفترة الصيفية من عطلات المدارس وأرجو ان لا اكون مخطئاً عندما أقول وأؤكد ان مسألة عمل الأطفال تحت السن القانونية غير موجودة على الأطلاق بنسب كبيرة  كما  اوردت  تلك المجلة الكندية   ، وان تكون الامور مختلفة  قليلا   في كل الدول العربية الشقيقة .
في هذه البلاد التي نعيش فيها يعمد الأطفال الى العمل في العطلة الصيفية للمدارس أو أثناء فترات الخروج من المدرسة يومياً بأعمال ومهن خفيفة كخروج الولد أو البنت يومياً لتوزيع الجرائد والمجلات على البيوت أو توزيع الإعلانات المجانية على المنازل وهي مسألة ربما يُراد من خلالها ان يتعلم الطفل الاعتماد على نفسه في بعض الأمور كأعطائه فرصة لإثبات انه شخص كامل ويستطيع المشاركة في أحد ميادين الحياة  ،  وبأستطاعته الحصول  على بعض المال  بالعمل  كدوام جزئي او لعدة ساعات معدودة في اليوم الواحد .
انها دعوة من داخل هذا القلب الانساني   بأن دعونا نعود الى انسانية الانسان داخل كل فرد منا   ، تلك الانسانية التي  ميز الله تعالى بها بني  البشر  دونا  عن باقي مخلوقاته  في هذا الكون الكبير  .
فهل  نعود   ؟؟
انأمل  وأرجوا  ذلك  .
                                               على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الثلثاء   11     حزيران        2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x