بدون زعل

بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة المرآة – مونتريال
كندا
رقم العدد 12 ( 341)
الثلاثاء ك٢ 1997
يؤلمني ويحز في نفسي كإنسان عربي أعيش بعيدا عن الوطن والأهل ، ما نعيشه كمجتمع عربي اغترابي في هذه البلاد من حالات التشتت والضياع والتفرد في الرأي  في حالات عديدة  وخصوصا  في  بلاد الاغتراب  هذه  .
انظر الى واقع المؤسسات العربية على جميع أنواعها فاراها تتخبط بأمور ومشاكل شكلية ولعل اهم مسألة نعانيها من خلال  بعض انواع  العمل الاجتماعي في بلاد الغرب هو وجود عقدة الزعامة والقيادة وكأنها شيء مغروس داخلنا أو هواء نتنشقه أو شيء يسري مع الدماء في عروقنا  !!
الكل يحب ان يكون في الصدارة ، عندما يتعلق الأمر بمساعدة شخص ما ، اي انسان عربي جاء الى هذه البلاد وطلب المساعدة في أمور الترجمة الى احدى دوائر الحكومة نرى الجميع وقد صموا الآذان عنه نداء العقل والمنطق المنطلق من غاية إنسانية بحته.
اما عندما بتعلق الأمر بالحفلات والمناسبات الاجتماعية فترى البعض أو الجميع على حد سواد لبسوا افخر ثيابهم واحتلوا الصفوف الأولى لكي يظهروا على شاشات الكاميرات وعدسات المصورين ، وما اكثرهم في مجتمعنا العربي يا صاح !!
عندما تكون جالسا في بيتك ويرن هاتفك لتجد على الخط الآخر شخص ما يقول لك : “ انا اقصد الله تعالى واقصد مروءتك وكرمك لكي تساعدني في أمر ما ” ، من المنطق ان تستجيب لهذا الشخص وتساعده قدر الامكان ، وطبعا كل شخص يستطيع ان يقدم حسبما يقدر مثلما تسنح ظروفه وأوضاعه .
 والإنسان الكريم الذي يعمل في الامور الاجتماعية ومساعدة الناس يدرك تمام الإدراك انه لا يقدم اي مساعدة ليأخذ مقابلها مالا أو هدايا ، إنما ليكون شعار هذا الأنسان الكريم والمعطاء في أن  عملي هذا هو لله سبحان وتعالى والرجاء ان يتحقق كل غاية أو طلب سأ ل عنه انسان محتاج الى هذه الخدمات .
المشكلة في بعض الأخوة العرب أنهم وبمجرد وصولهم الى هذه البلاد أو حتى بمجرد امضائهم عدة سنوات هنا تراهم وقد تجرد من كل عروبة ووطنية أو حتى بأي شيء يذكرهم بأوطانهم وتراثهم وحضارتهم .
وكم من مرة سمعت من أشخاص كلمات على سبيل المثال ( انا غير مستعد لخدمة أي عربي لان لا احد من العرب يستاهل هذه الخدمة )، قد يكون هذا الشخص نفسه تعرض لأمر ما نتيجة خدمة معينة قدمها لاحد الأشخاص ولكن لنكن واقعيين ومنطقيين على أساس ان لا نعامل كل البشر أو ننظر لهم نظرة شك وتشاؤم مهما كانت الأسباب والنتائج .
أعود الي المراكز والمؤسسات العربية لأقول كلمة حب ونصيحة أخوية ان نتخلى عن هذه الأنانية وكلمة ( إلانا ) ونعمل بصيغة الجمع فنحن دائما أقوى وافعل من  ( الانا  ) في جميع الاحوال ويذكرني واقعنا الاغترابي في هذه البلاد بقصة ذلك الحاكم الذي أراد يوما احتلال مدينة عربية فارسل احد مساعديه الى هذه المدينة لاستكشاف الناس وطريقة حياتهم وتعاملهم مع بعضهم البعض .
وفعلاً وصل هذا الشخص الذي ارسله الحاكم الى المدينة العربية تلك ، ودخل الى احدى أسواق المدينة حيث تباع الحبوب وأنواع البقالة ، وكان الوقت في الصباح الباكر ، فدخل هذا الرجل الى احد المحلات وطلب كمية كبيرة من الحبوب من هذا المحل فما كان من صاحب المحل الا ان بادره انا أعطيك نصف هذه البضاعة وادخل الى جاري وخذ النصف الباقي فهو لم يبع اي شيء حتى الآن  !!
 فتعجب هذا الرجل من أمر البائع واكبر فيه هذا الأمر وفعلا اخذ نصف البضاعة من دكان هذا التاجر وأخذ ما تبقى مما يطلبه من محله جاره الملاصق تماماً للمحل الأول .
وعاد الشخص الى الحاكم ليخبره بالأمر وما جرى معه فما كان من الحاكم الا ان بادر هذا الرسول بالقول ان هذا الشعب متماسك ويحب بعضه البعض ومن الصعب ان ننتصر عليه .
ومرت الايام والشهور فعاودت الحاكم فكرة إرسال رسوله مجددا لأي تلك المدينة العربية ليرى ما آلت اليه الامور في تلك المدينة ، فعاود إرسال نفس الشخص الذي كان قد ارسله في السابق وذهب الشخص الى نفس المحل الذي اشترى منه الحبوب في المرة الماضية وطلب نفس الكمية التي اشتراها المرة الماضية ، وتعجب اشد العجب عندما قال له البائع انه  يملك كل الكمية من الحبوب  !!
وهز هذا الرسول رأسه ومضى الى الحاكم ليخبره بما حصل ، فما كان من الحاكم الا ان أمر مساعديه بالأعداد لحملة عسكرية لاحتلال هذه المدينة وقال ان الوضع الأن اصبح مناسب لاحتلال هذه المدينة والإجهاز عليها نهائيا .
وفعلا لم تمض ايام معدودة حتى كانت قوات هذا الحاكم تحتل تلك المدينة العربية والسبب هو تفرق سكانها وكرههم لبعضهم البعض .
أتأمل ان لا نسمع للكراهية والبغضاء بالدخول الى مجتمعنا العربي في هذا المهجر وان نكون واعيين على الدوام لما يجري حولنا ونأخذ من الجاليات الأخرى التي تُحافظ على تماسكها ووجودها ، مما يلزم المجتمع الكندي ككل الى احترام هذه الجاليات وتحقيق مطالبها مهما تعددت وتنوعت .
يقول مثل عربي شائع ( كل شخص يوجد تحت إبطه مسله توخزه   ) !!
سامحونا !!
                                           على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                         الاربعاء  12     حزيران        2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x