أحلام مُهاجر

أحلام مُهاجر
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور   كندا
عندما وطأت قدماه أرض المغترب الكندي كانت أحلامه كبيرة وأكثر من أن تُعّد أو تحصى ، تعود به تلك اللحظات إلى أكثر من عشر ين  سنة   مضت على وجوده في هذه البلاد ، شعر أنه حضر بالأمس ولم يّصدق أن عقدين  كاملين  من الزمن مرا على حضوره إلى هنا .
كان يحمل شهادة دكتوراه رفيعة جداً وعبثاً حاول معادلتها ليتناسب الأمر مع ما يطلبه السوق الكندي من خبرة لممارسة عمله الذي زاوله في وطنه الأم لأكثر من عشرين عاماً وهو السبب الرئيس والأساسي لقبول طلبه للهجرة إلى كندا بلد المشاريع والأحلام المؤجلة على ما يبدو إلى ما شاء الله تعالى .
أمضى سنته الأولى في تقديم طلبات التوظيف وكان يرسل الرسائل إلى أماكن عديدة في طول كندا وعرضها وحتى في اماكن عديدة من العالم دون ان ينجح في الحصول على فرصة واحدة للعمل فقال بينه وبين نفسه عليّ ان أحصل على أي عمل يُعرض عليّ فاختار أن يعمل في شركة   كسائق تاكسي عسى ولعل تتحسن الأمور معه ويحصل على ما يطمع ويحب .
مّرت الأسابيع والشهور والسنوات المتتالية كان يشتغل بين الدوامات المختلفة وان كان استقر أخيراً على دوام منتصف الليل حيث يبدأ عمله عند الخامسة مساء وحتى السابعة من صباح اليوم التالي وهكذا دواليك وكان يردد : الليل وما أدراك ما يحتويه العمل في الدوام الليلي على سيارة التاكسي من مفاجآت وقصص وأمور غريبة !
كانت كلمة واحدة لا تفارقه على الدوام ( الحمدلله ) يردٌدها على الدوام ، في السراء والضراء وان كان يشعر في قرارة نفسه ان هذه الحياة تعانده دوماً ولكنه اصّر ان يبقى على ثباته وصبره في مقاربة أمور هذه الحياة التي علمته السنين الطويلة كيفية مواجهتها والوقوف قدر الامكان في وجه العواصف والمتغيرات التي تحدث في حياة كل إنسان يعيش على وجه هذه المعمورة المترامية الأطراف .
كان يعرف ويدرك ان عدة سائقين زملاء له يحملون الدرجات العلمية العالية فمنهم الطبيب والمهندس ودكتور الجامعة الذين قست عليهم ظروف الحياة عامة في أوطانهم المختلفة والمتباعدة وظنوا ان مجرد وصولهم إلى أرض الاغتراب الكندي ستفتح أمامهم أبواب المجد والشروة والحياة الرغيدة التي كانوا جميعاً يحلمون بها  ، وإذا هم أمام واقع مرير ومؤلم وقاسي ولّعلي ينطبق عليهم قول الشاعر عندما قال : ما كل ما يتمناه المرء يدركه                تجري الرياح بما لا تشتهي السفن .
وتستمر مسيرة هذه الحياة مع هذا الشخص وتتوالى الساعات  والأيام والأسابيع والأشهر وحتى السنوات ، وهو لا يزال على حاله خلف مقود السيارة يجول شوارع تلك المدينة الكندية ليلاً ونهاراً لتأمين لقمة العيش الكريم له والأفراد عائلته التي كانت تكبر متطلباتها يوماً بعد يوم ، وكان يراقب أولاده وهم يكبرون في هذه البلاد ، وظل على عادته الأولى بالتفتيش على عمل أي عمل آخر بعد أن احنى مقود السيارة ظهره وبدا انه كبر سنين طويلة اكثر من عمره في مسيرة تعبه وكفاحه من أجل عيش حّر وكريم وهانئ   في غربته الاليمة والطويلة  جدا  تلك   .
                                            على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الاربعاء  7         أب                2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x