الهجرة والواقع الاجتماعي في الغرب

الهجرة والواقع الاجتماعي في الغرب
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور    كندا
مجلة الحوادث   لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
رقم العدد   2365
الجمعة   1   آذار
2002
عندما كنت في المرحلة المتوسطة من الدراسة ، علق في ذهني درس في مادة الجغرافيا ، وكان موضوع هذا الدرس هو الهجرة   وانواعها  سواء الهجرة الداخلية   اي  داخل الوطن   او الهجرة من الوطن  نفسه   .
 ولا أزال اذكر حرفياً ان تعريف الهجرة في ذلك الكتاب كان على الشكل التالي :
يوجد نوعان من الهجرة فهناك هجرة داخلية ، وهي هجرة المواطن داخل دولته وتكون عادة من الأرياف والقرى الى العاصمة او من العاصمة الى القرى والريف .
اما الهجرة الخارجية فهي عندما يضطر الانسان الى ترك وطنه والسفر الى مكان آخر    .
تعلمت هذا الدرس في أوائل السبعينات من هذا القرن في احدى مدارس برج حمود احدى ضواحي بيروت .
اذكر أيضاً ان استاذ مادة الجغرافيا تلك ، كان أصلع الرأس ، وكان يمازحنا عندما يذكر سلسلة جبال لبنان الغربية والشرقية ويقول إياكم ان ينظر احد الى رأسي أثناء شرحي الدرس ، فينفجر كل من في الصف من التلاميذ بالضحك المتواصل ، وكان الأستاذ بالطبع يسامحنا على مبدأ براءة الاطفال وعفويتهم على الدوام .
وبالعودة الى موضوع الهجرة ولا سيما اذا أخذنا الوطن الحبيب لبنان كمثال على هذه الهجرة ، فأعتقد انه البلد الوحيد في العالم الذي يفوق عدد مواطنيه في الخارج عدد السكان أنفسهم  ،  في اشارة  الى   من يقول ان اللبنانيين في الخارج يبلغ عددهم أكثر من خمسة عشر مليون شخص .
يصل البعض الآخر الى ضعفي هذا العدد . اي حوالي الثلاثين مليون مغترب لبناني ، وطبعاً بغياب اي إحصاء رسمي تظل هذه الاعداد في مجال التكهنات ، وأتأمل ان يولي العهد الجديد في لبنان بقيادة فخامة الرئيس العماد اميل لحود هذا الأمر ما يحتاجه من دراسة وعناية على كافة الصعد لما فيه خير الوطن الغالي والمغتربين أنفسهم .
قبل عام ١٩٩١ كنت لم أزال في لبنان ، واستمع من الاشخاص اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج وقاموا بزيارة لبنان ، بأن الحياة في دول الغرب سريعة جداً ، وأحياناً لا يشاهد الفرد منهم باقي أفراد عائلته لعدة ايام أحياناً وهم يعيشون في نفس المنزل ، وكنت استمع الى هذه الأحاديث واستغرب الأمر واسأل نفسي هل من المعقول ان لا يشاهد الاب أولاده او زوجته لأيام وهم يعيشون تحت سقف واحد ؟
وظل هذا السؤال يلازمني حتى حضرت الى كندا في أواخر الشهر الثالث من العام ١٩٩١ وشاهدت بأم عيني وادركت باليقين ان ما كان يقال أمامي عن الحياة في بلاد الغرب ، هو صحيح مئة بالمئة ، وقد شعرت به منذ الايام الأولى لوصولي الى هذه الغربة البعيدة .
قد تكون الامور سهلة بعض الشيء اذا كان السفر بين لبنان او اي دولة عربية شقيقة  ،  او الى افريقيا وأوروبا والخليج وذلك لقرب المسافات ولكن الأمر يختلف جداً عندما تكون الهجرة الى بلاد بعيدة ومنها استراليا وكندا والأميركيتان الشمالية والجنوبية وما إدراك ما تضمه هذه الأخيرة من ملايين اللبنانيين والعرب الذين مضى على وصولهم الى تلك البلاد مئة سنة واكثر في بعض الحالات .
في واقع الأمر ان الحياة في هذه البلاد تسير بخطى جنونية وسرعة هائلة ، فالكل مشغول والكل يبحث عن المال في مجتمع مادي بحت سيطرت فيه المادة على عقول البشر وأصبحت الهم الأوحد وغابت بالتالي ووسط هذه المعمعة القيمة الفعلية للعائلة والترابط الاسيري في ظل هذا الوحش القاسي الذي اسمه المال .
كاتب هذه الكلمات يطمح دوما   الى الكتابة   والبحث التاريخي  عن موضوع الاغتراب  اللبناني  عامة وفي كل ارجاء هذه الكرة الارضية  متى توفرت الامكانيات المادية   لانجاز هذا الامر المهم جدا   في تاريخ ومستقبل الوطن الحبيب  لبنان  .
                                             على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الثلثاء   13         أب                2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x