بقلم  :  علي ابراهيم طالب

وندسور   كندا

اينما يممت  وجهك في اطراف المدينة  تراه  ، شمالا   جنوبا   شرقا او غربا   تشاهده  وقد دس  راسه في احد براميل القمامة  يبحث عن اي شيء  يسد به رمق  هذه  الحياة القاسية عليه الى ابعد الحدود  .

رجل  شردته الحياة   وقست عليه  كما  لم تقسوا  على سواه   ،  تراه  هائما على وجهه في الشوارع  والساحات العامة  في كل ارجاء تلك  المدينة   .

عندما يتعب  يفترش الارض  ويلتحف السماء  سواء في الحدائق العامة  او الشوارع الخلفية للبيوت  وقد ينام في اي مكان  حتى ،  متى شعر ان التعب   تغلب عليه فيستسلم  لسلطان النوم الذي لا يقاوم  .

معظم افراد الشرطة وطواقم  سيارات الاسعاف  في تلك المدينة يعرفونه بالاسم   فهو الوجه المعروف لديهم   في غير زمان  ومكان  ، فحكابة  تشرده  يعرفها كل فرد  من افراد تلك الطواقم   ولا سيما سيارات الاسعاف   فقد تم نقله  الى المستشفيات  لمرات عديدة   وفي ظروف مناخية مختلفة سواء في الحر الشديد  صيفا  او  البرد والصقيع  في الايام والليالي الباردة المختلفة   .

تراه  يمشي  في كل مكان  هائم   على وجهه  لا يعرف وجهته  ،  وان  لوحظ في الفترة الاخيرة  انه كان يقضي معظم وقته   امام   احدى  اكبر مطاعم الوجبات السريعة   في المدينة   في  خلال الاسابيع  القليلة الماضية   ينتقل من  برميل قمامة الى اخر  في  محيط ذلك المطعم الذي يرتاده  المئات من الاشخاص   في وسط تلك المدينة حيث يحتل  ذلك المطعم المعروف   الشارع الرئيسي   في المدينة  الغربية تلك .

من يعرفون  ذلك الشخص المشرد معرفة شخصية  يسردون عنه الحكايات  الكثيرة   فهو حضر الى هذه البلاد الغربية  وتلك المدينة الغربية تحديدا   منذ اكثر من ثلاثة عقود   من احدى دول الشرق   ، وكان مثال  للشاب  الرياضي  والذي  كان  من افضل   الناس  في تلك المدينة  فقد وفقه الله تعالى بالدخول الى احدى امهات  شركات صناعة السيارات  في هذه البلاد   وبعد  عمله هناك بعدة اسابيع أقتنى  من السيارات  أفخمها  مظهرا  واغلاها ثمنا   .

سارت معه الامور على احسن ما يرام  حتى  تعرف الى تلك السيدة  الغربية  الفاتنة   التي يقال  انها كانت السبب الرئيسي  لما وصل اليه من هذه الحالة السيئة  والمتدهورة الى ابعد الحدود  .

تلك السيدة نفسها  عندما تعرفت عليه  وجدت فيه ذلك الشاب   الساذج   والذي  لا  يعرف  كيفية التعامل  المثالي في هذه الحياة  فقادته  تلك السيدة   مثلما ارادت وكان  هو كالخاتم  في اصبعها كما يقول المثل الشعبي المعروف  فعرفته  على  عالم مظلم وأليم   الى اخر الحدود وهو عالم تعاطي المخدرات  لا بل الادمان الكبير عليها حتى وصل الى ما وصل  عليه  من هذه الحالة المأساوية   والاليمة   التي يعاني منها اليوم  .

عندما تنظر  الى عيني ذلك الشخص  المشرد   تستطيع ان تقرأ ودون اي  جهد  ما  فيهما من  ماسي  وعذابات هذه الحياة   التي قست  عليه  وتركته  انسان  ضعيف  ومشرد في الشوارع مع كل ما تعنيه كلمة مشرد من معاني  وتعابير لا يستطيع  المرء فهمها   الا  اذا كان  محل صاحب تلك التجربة الانسانية الاليمة والحزينة  الى ابعد الحدود  .

 

 

على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الاثنين   30                       أيلول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x