غداً يوم جديد
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور    كندا
الزمان : الإثنين التاسع من شهر تشرين الثاني   2009   .
المكان :  مدينة كندية بعيدة كل البعد عن الوطن الأم .
إستيقظ كعادته المشهودة كل يوم عند الساعة الخامسة فجراً ، كان عليه الإنتظار حتى السابعة تماماً موعد نهوض زوجته وأولاده من النوم ليذهب كل واحد منهم الزوجة إلى عملها والأولاد إلى المدرسة كما هي العادة المستمرة منذ سنوات طويلة من عمر غربته البعيدة القاسية عن الوطن والأهل والأصدقاء .
نظر إلى الروزنامة المُعّلقة على الحائط   ، عنده الكثير من المواعيد والأمور التي عليه إنجازها لهذا اليوم التي تبدأ بموعد عند طبيب العائلة عند التاسعة صباحاً وتنتهي عند السابعة والنصف  مساء  موعد حضوره دورة لتقوية إمكانياته على الكومبيوتر وما بين المودعين المذكورين أمور كثيرة لهذا اليوم يتخللها إحضار الزوجة من العمل والأولاد من المدرسة في رحلة يومية يقود السيارة من خلالها لأكثر من مئة كيلومتر يقطع خلالها طرقات تلك المدينة بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها في رحلة اصبحت يومية بالنسبة له مع التحذير الذي كان يستمع إليه من محطة الإذاعة المحلية من عدم استخدام الهاتف الخليوي أثناء القيادة وإلا هناك غرامة مالية قد تصل إلى مبلغ خمس مئة دولار كغرامة بحق المخالفين .
لا يزال في المنزل في تلك الساعة المبكرة والباردة في آن معاً أدار جهاز الكومبيوتر لقراءة الصحف العربية كما هي العادة التي يقوم بها كل مساء كالعادة ولكن قد يتأخر أو ينام مبكراً في الليلة السابقة فيعمد إلى قراءة تلك الصحف صباحاً قبل مغادرة المنزل ليبقى على بّينة مما يحصل هناك في الوطن الام الذي تجري فيه الأحداث بشكل يومي ومتواصل تجعله وهو البعيد عشرات الآلاف من الكيلو مترات اكثر قربًا والتصاقاً بالحدث من الناس المقيمين هناك أنفسهم .
عند الثامنة والربع تماماً انطلق إلى مدرسة وعند الثامنة والدقيقة الخامسة والأربعين كان يجلس في صالة الانتظار عند طبيب العائلة وفوجئ بالعدد الكبير من الناس الذين ينتظرون مواعيدهم عند طبيب العائلة نفسه وسأل نفسه يا آلهي ماذا جرى اليوم وهل كل سكان هذه المدينة مرضى هذا اليوم ام ماذا ؟
بين تلك المواعيد كان هناك حوالي الساعتين من الزمن بين موعد وموعد آخر فذهب إلى المنزل ليحضر بعض الأوراق التي يحتاجها في موعده التالي ، عمد إلى تفقد بريده الإلكتروني وجد رسالة من صديقة كانا معاً في المرحلة الابتدائية ومن ثم المتوسطة وفّرقت بينهما الايام بحكم زواجها وسفرها الى بلد زوجها وعمله .
قرأ كلمات الرسالة يا آلهي لم يشاهد صاحبة تلك الكلمات منذ سبعة وعشرون عاماً بالتمام والكمال تقول له إنها حصلت على عنوان بريده الإلكتروني بطريق الصدفة المحضة وأرادت أن تفاجأه بهذه الرسالة المأساوية بعض الشيء لان تلك الزميلة القديمة أبلغته أن زوجها والذي يعرفه هو بشكل جّيد قد توفي في حادث سير مروع في ذلك البلد الذي كان يعمل فيه مما اضطرها إلى حمل أولادها وهم خمسة والعودة إلى منزل أهلها فأبلغها في رد على رسالتها آسفه وحزنه على زوجها الذي مات في الغربة بعيداً عن أهله ووطنه .
غادر منزله ثانية وقضى ذلك اليوم متنقلاً من مكان الى آخر وعاد الى منزله وكانت الساعة تشير إلى الثامنة مساء ، ألقى بجسده المنهك على الأريكة نظر إلى أطفاله وهم يتناولوا طعام العشاء وحمد الله كثيراً على كل نعمة أغمض عينيه للحظات تمتم ببعض الكلمات هو اذن يوم آخر انقضى من حياته وغداً لا بد أنه يوم آخر جديد .
انها  الحياة  .
                                               على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                            الثلثاء   24                   أيلول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x