بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور   كندا
 
عندما نظرت الى وجهه للمرة الاولى تخّيلت أنه يحمل كل الآم وأحزان هذه الحياة على محياه ،  بناء على طلب من شخص  اعرفه   طلب مني ان استمع الى قصته   تقدم مّني في احد الأمكنة وقال انه يريد ان يقّص عليّ قصة حياته بالمختصر المفيد ، قال أنه حضر الى هذه المدينة الكندية منذ أسابيع عديدة فقط وأردف انه وصل الى تلك المقاطعة الكندية في الغرب الكندي عام 1960 من القرن الماضي ولم يمكن بحوزته الا دولارات معدودة بعد أن سمع عن أرض الأحلام والعجائب كندا !
يقول اذكر ذلك اليوم جيداً فقد بلغت درجة الحرارة يومها الأربعين تحت الصفر وانه أمضى ليلة بأسرها في المطار لان قريبه أبلغه انه يعمل في دوام منتصف الليل ولا يستطيع أن يحضره من المطار قبل الثامنة صباحاً وهكذا كان ، المهم لم تكد نمضي ايام معدودة على وصوله حتى تمكن من الدخول الى احدى امهات شركات تصنيع قطع السيارات في هذه البلاد وقد فرح كثيراً لهذا الإنجاز الكبير يومها وبدأ رحلة العمل المُضني يقول كنت اعمل سبعة ايام في الأسبوع وعلى مدى سنوات متتالية جمعت مبلغ كبير من المال وقررت ان اذهب الى وطني الام لزيارة والديّ واختيار زوجة لي من هناك ، الى أن التقيت بها انها لوري تلك الفتاة الكندية الساحرة  التي بهرتني بجمالها الآخاذ عرفت منها انها تعمل في احد بنوك المدينة التي كنت أقطنها لا ادري ماذا حصل لي بالضبط كل ما اعرفه اني اصبحت أسير لتلك الفتاة بعد أن تعارفنا ولم اكن استطع أن ارفض لها اي طلب مهما كانت الظروف والمعطيات .
يتابع الرجل حديثه عندما أبلغت صديقي وقريبي الذي أحضرني من المطار بالأمر ضحك كثيراً ولم يكترث وقال يومها انها حياتك والقلب وما يهوى .
يتابع الرجل كلامه عندما عرضت على لوري الزواج ضحكت كثيراً وكأنها كانت تتوقع طلبي هذا وأول مفاجأة أخبرتني إياها انها كانت متزوجة لمرتين وعندما ابنة من اول زواج وابن آخر من زواجها الثاني لم اهتم للأمر وقلت لها :
أريد أن ابدأ معك حياة جديدة   وفعلا هكذا كان وتم زواجنا وكنت أضعف من ان افرض على زوجتي الجديدة اي شروط تتعلق بي ، مرت الايام انجبت زوجتي ثلاثة اولاد وابنة واحدة وكانت حياتي مثل الآلة اذهب الى عملي واعمل الساعات الطويلة وليس مطلوب مني الا إحضار المال الوفير لتلبية حاجات العائلة التي كانت تزداد يوماً بعد يوم بعد ان اشترطت زوجتي من ضمن شروطها العديدة عليّ أن تترك عملها في البنك وتبقى في المنزل والمطلوب مني تأمين كل ما تحتاجه والمنزل فقبلت صاغراً دون اي جواب !!
كبر الاولاد وبدأوا بالتصرف مثل تصرفات الكنديين تماماً فكل واحد منهم كان يحضر صديقته الى المنزل وانا لا املك الا النظر فقط دون ان استطيع ان اقول كلمة واحدة يقول والدموع تنهمر من عينيه  .
 لم احتمل ان ارى ابنتي تحضر صديقها الى منزلنا بمباركة والدتها ، وعندما اردت التحدث مع زوجتي انفجرت بي صارخة يا حبيبي نحن هنا في كندا ولسنا في بلدك العربي المتخلف !!!
بكى الرجل وبدا منظره مؤلماً للغاية انهمرت دموعه بغزارة وبدا انه لا يكترث لبعض الحضور الذين انتبهوا لبكاء الرجل المتواصل قال لي في لحظات وساعات قليلة فقط خسرت عائلتي وكل شيء في هذه البلاد لم احتمل رؤية زوجتي تعاملني بهذه القسوة بعد كل السنين الطويلة والتضحيات الجسام في سبيلهم ، حتى اولادي   بديت أمامهم كالغريب الذين يشاهدون وجهه للمرة الاولى في حياتهم .
اعتذر مني وقال انا آسف فقد شغلت رأسك بقصة قد لا تعنيك وانا انظر الى هذا الرجل الذي بدا في قمة الهزيمة والإنكسار والألم .
فجأة قال : كل ما أريده هو العودة الى وطني الام لأموت هناك وأدفن الى جانب احّبتي أمي وأبي فقط !!
في المقهى حيث   التقيت معه   لم استطع   منعه من البكاء الشديد   وانهمار الدموع بغزارة من عينيه  .
كان يحمل داخل قلبه   الكثير من الحزن والالم   الامر الذي دفعه بترك تلك المقاطعة   بأسرها والحضور الى هذه المدينة الصغيرة   كانسان  محطم  وفي حالة انهيار تام   بعد ان كان  انسانا  يعج  بالحركة والحيوية  وأعطى لعائلته   كل ما يملك  ز
سبحان الله   انها الحياة  .
 
 
 
 
 
 
 
                                                  على الخير   والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

 
 
 
                                                 علي   ابراهيم   طالب

 
 
 
                                                وندسور    كندا
 
 
 
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
 
 
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
 
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
 
 
 
 
 
 
                                              السبت    7     كانون الاول                    2013
 
 
 
 
 
 
 
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x