غربة صابر
غربة صابر
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رقم العدد – 2219
الجمعة 14 آيار 1999
على الرغم من مرور ثماني سنوات على وجود صابر في كندا ، الا ان شعورا يظل يلازمه في كل الأوقات وهو انه غريب عن هذا المجتمع الكندي والغربي عامة .
اذا مشى صابر في الشارع يشعر انه غريب ، في العمل غريب وفي اي مكان يتوجه اليه أو يتواجد فيه يشعر بالغربة هذه .
الحياة هنا سريعة الدوران الناس في عجلة من أمرهم ، دورة الحياة تراها وتلاحظها مختلفة عما عهدناها في بلداننا العربية الحبيبة ، يرى صابر نفسيات البشر مختلفة عما كنا نراه في بلادنا وقد يصادفك موقف محرج على سبيل المثال مثلما حدث لصديق لي كان صديقي يتمشى في احدى حدائق المدينة عندما صادف سيدة مسنة ولما اقترب منها ألقى عليها السلام قائلا صباح الخير يا سيدتي ، فما كان من تلك السيدة العجوز الا ان استشاطت غضبا قائله له تقول لي صباح الخير ، هل أعرفك انا من قبل !!
فما كان كان من صديق الا ان جّر أذيال الخيبة والاحراج ومضى في طريقه طبعاً شرحت له ان هذه السيدة قد تكون تعاني من امر ما ازعجها ولا تشعر بالراحة للحديث مع احد في تلك اللحظة تحديدا ، ليست كل أنواع البشر من طينة واحدة ، فتجد الانسان المرح والطيب ، كما تجد الإنسان الشرير والمؤذي انها صفات موجودة في كل مجتمع وزمان ، ولكن هنا تطغى الفردية وحب النفس عند معظم أفراد الشعب الغربي بشكل عام .
يشعر صابر بالغربة عندما يسكن في مبنى ولا يعرف اسم جاره في المسكن المقابل وذلك على رغم مرور اربع سنوات على سكن صابر في هذا المبنى يشعر صابر بالغربة في أي خطوة أو مشروع قد يقدم صابر عليه يفكر صابر بحالة الإنسان العربي بشكل عام وحالة الظلم الواقعة عليه على كافة الصعد ويجري مقارنة بين الانسان العربي الذي تراه مضطرا للقيام الى عمله في الفجر الباكر ليضمن لعياله الأكل واللباس والطبابة والتعليم ، وينظر الى حالة الشعب هنا فكل وسائل الحياة ضرورية ومؤمنة حتى للناس العاطلين عن العمل الذين يستفيدون من المعونات الاجتماعية والمساعدات المالية التي تقدمها لهم الحكومة بشكل عام .
يتألم صابر ويشعر بالأسى والحزن عندما يرى أخوة وأخوات له في العروبة يلهثون لتقليد المجتمع الغربي في كل شاردة وواردة وتكون الطامة الكبرى لدى بعض العائلات العربية عندما يبلغ ولدهم أو ابنتهم سن الثامنة عشر حيث يتسلح بعض هؤلاء المراهقين بالقانون ليحميهم من أهاليهم العرب اذا ما حاول الاب أو الام شرح الخير من الشر لأولادهم ، والكلمة الحاسمة التي يستمع لها الأهالي على الدوام ، « انا بلغت الثامنة عشر وأنا حر ان افعل ما أشاء وما يحلو لي »!!
هذا هو بالضبط ما يتألم له صابر ويشعره بنوع من المرارة والاشمئزاز من هذه البلاد ، وهو من انتقال عدوى التفكك الاجتماعي والتباعد بين الأسرة الواحدة من الأسرة الغربية الى الأسرة العربية المقيمة في المجتمع الغربي عامة ولا سيما الجاليات العربية المقيمة في كندا .
يقرأ صابر ويتابع إعلاميا أحوال الجاليات العربية في كندا وأميركا بشكل عام ويسمع عن قصص وأمور عديدة وحوادث مختلفة يكون مسرحها مع الأسف الشديد عائلات عربية مقيمة هنا .
يقول صابر ويردد على الدوام : لنأخذ من هذا المجتمع الشيء المفيد لنا لنأخذ العلم والتقدم على كافة أصعدة العلوم لننهل من بحار العلم فالجامعات والكليات والمدارس ابوابها مفتوحة للجميع ، لنأخذ العلم والمعرفة ولنترك الأشياء السلبية في هذا المجتمع وما اكثرها لسوء حظنا.
هذا هو صابر الذي عرفته واعرفه على الدوام ، صابر الذي يفكر بأبناء جاليته العربية قبل ان يفكر بنفسه أو بعائلته احيانا كثيرة .
يقول صابر ان اي نجاح لأي عربي هنا هو نجاح لكل العرب فهل نساند صابر في ما يفكر به وما يصبو اليه ؟!
على الخير والمحبة والمودة الدائمة والسلام استودعكم الله ولقاؤنا معكم يتواصل من خلال هذا الموقع والى اللقاء القريب ان شاء الله تعالى .
علي ابراهيم طالب
وندسور كندا
للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
FACEBOOK PAGE : ALI IBRAHIM TALEB
الاربعاء 15 أيار 2013