الآنسة فدا   
بقلم : إبراهيم طالب
وندسور – كندا
عاشت فدا  حياة طبيعية  جداً فهي إبنة وحيدة في عائلة مكونة من الاب والام وعندها أخوين يصغرانها بعدة سنوات معدودة .
كانت فدا  فتاة في منتهى الأدب والذوق عندما تغادر منزلها في نفس الساعة من كل يوم كان كل سكان الحي يتسابقون لإلقاء تحية الصباح على ( الآنسة فدا  ) كما يُطلق عليها كل سكان الحي تقريباً فهى تعمل معلمة في احدى مدارس ضواحي العاصمة وإضافة إلى ان الله تعالى قد مٍّن عليها بجمال استثنائي ومميز فقد كانت تتمتع بروحية وأخلاق انسانية رفيعة في التعامل مع كل الناس تقريباً صغاراً وكباراً .
كانت كلما مرت في ذلك الحي الذي تسكن فيه مع والديها تفوح من مكان مرورها رائحة عطرها وكان أهالي الحي يتندرون كلما تّشموا ذلك العطر فيبادروا الى القول رائحة الشارع جميلة لا بد ان الآنسة فدا  قد مّرت من هنا للتو ،  فكانت تسمع ذلك الثناء فترتسم على شفتيها ابتسامة ساحرة جميلة تزيد ذلك الوجه الملائكي والطفولي في آن ، جمالاً واشراقاً .
في احدى الايام وبينما كانت الآنسة فدا  تجلس في غرفة المعلمين والمعلمات في تلك المدرسة التي تُدرّس فيها تّقدم منها فاضل   زميلها في الدراسة وفوجئت به يسألها اذا كانت مرتبطة مع احد ولما نفت الأمر طلب منها سؤال أهلها اذا كان يستطيع زيادة منزل والديها وهو ما حصل فعلاً ولم تكن تدري انه بعد هذه الزيارة بأسبوعين فقط كانت تتعالى من منزل والديها الزغاريد فاليوم هو عرس الآنسة فدا على زميلها فاضل والجميع اليوم سعداء وشارك جميع أبناء الحي كبار وصغار في فرحة العمر لجارتهم  العزيزة  والغالية   .
في واقع الأمر شعرت فدا بالسعادة القصوى مع فاضل فهو انسان على قدر كبير من الاخلاق وكانت  تدرك يوماً بعد يوم ان قرارها بالارتباط بذلك الإنسان كان قرار صائب وناجح إلى أبعد الحدود .
رزقت فدا  بطفلها الأول وشعرت هي وزوجها فاضل بالسعادة الغامرة التي طغت على منزلها الزوجي وهو المكان الذي حّولته الى أجمل عش زوجي الذي صّبت كل اهتمامها في منزلها بعد ان أخذت إجازة أمومة من عملها وبقيت في المنزل ترعى شؤون رضيعها ( الوليد ) وزوجها الطّيب الخلوق .
في احدى الليالي أصيب الطفل بحمى قوية وتم نقله إلى احدى المستشفيات للمعالجة ولكن حدث أمر ما في صحة الطفل مما أدى إلى وفاته وهو أمر كان بمثابة الصاعقة التي زلزلت أركان ذلك المنزل الصغير وبقيت فدا في تلك المستشفى هي وزوجها بعد إصابتهما معاً بانهيار عصبي قوي فكانت هي في غرفة ،  وزوجها في الغرفة الجانبية الملاصقة تماماً لغرفة زوجته .
ولأن الأقدار عندما تقسو فإنها تضرب بقسوة فأصيب فاضل بنوبة قلبية قوية حزناً على طفله الرضيع ولم يمهله القدر الا يوم واحد فانتقل إلى رحمة الله تعالى لتعيش فدا حالة حزن كبيرة وعميقة على طفلها وزوجها في آن معاً .
تّمر الايام والسنين في حياة فدا التي رفضت مجرد فكرة الزواج مرة ثانية على الرغم انها لا تزال في مقتبل العمر ، ولكن فدا  اليوم هي غير فدا تلك الفتاة الجميلة التي كانت تشرق حركة ونشاطاً وتوزع ابتساماتها وتحياتها على عموم أهالي الحي دون استثناء ، هي انسانة مختلفة قهرتها الحياة وعّذبتها الأحزان المؤلمة المتلاحقة التي كانت لا تجد لها حلاً الا الدموع والمزيد من تلك الدموع الحزينة والمتلاحقة التي لا تنضب على الإطلاق .
كان الله تعالى في عون تلك الانسانة الرقيقة التي  قست عليها الحياة  كثيرا  ، وأي  قسوة  ؟؟
                                               على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                         الثلثاء   25         حزيران        2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x