حلم كندي مؤجل

حلم كندي مؤجل
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور     كندا
تمالك أشرف نفسه قليلاً وهو يقف أمام الضابط من دائرة الهجرة الكندية وهو يبلغه أن طلب اللجوء السياسي الذي تّقدم به هو وأفراد عائلته قد تم رفضه للمرة الثانية من قبل محكمة الهجرة العليا ألتي عادة ما تبّت بمثل هذه الإجراءات  ، وعلى الرغم أن قرار نفس المحكمة قد أرسل إلى أشرف في المرة الأولى برفض الطلب إلا إنه أصّر على ممارسة حقه القانوني باستئناف هذا القرار وهو يدرك تماماً أن الظروف والمعطيات تّغيرت تماماً في هذه البلاد ولا سيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلون الإرهابية والتي حصلت في الولايات المتحدة وكان لها الأثر السلبي والمدمر على العرب والمسلمين في عموم أميركا الشمالية والعالم بأسره بشكل عام .
أبلغ أشرف الضابط في دائرة الهجرة أن ثلاثة من أطفاله الخمسة هم يحملون الجنسية الكندية لأنهم ولدوا في هذه البلاد فما كان من الأخير أن أبلغه وبلغة لا تخلو من الجدية  الظاهرة : ( تستطيع أن تترك أطفالك الكنديين هنا ونحن نهتم بهم ونرعى شؤونهم )) !!
طبعاً أشرف ذهل لما تسمعه أذناه وحاول جاهداً إقناع  ذلك الضابط  المسؤول بأن ينقل الأمر إلى رئيسه المباشر أو مدير مكتب الهجرة ذلك إلا أن الموظف أعتذر وقال أن الأمر نهائي وعليك مغادرة البلاد في غضون ثلاثة أسابيع من تاريخ تسّلمك لهذا الرسالة .
عاد أشرف إلى منزله وهو يحمل الأخبار السيئة وابلغ زوجته بالأمر إلتي بدت عليها علائم الدهشة من وقع هذا الخبر الصاعق من بعد المعاناة الطويلة ألتي أمتدت لسنوات ووجهت له عشرات الاسئلة المتلاحقة وأراد على ما يبدو إسكاتها وإعلامها أن قرار دائرة الهجرة نهائي وعليهم مغادرة هذه البلاد إلى وطنهم الأم في خلال ثلاثة أسابيع وعليها منذ هذه اللحظة على التعامل مع هذا الأمر على أنه واقع ولا مجال لتغييره مهما كانت الظروف والمعطيات والأسباب فإن الأمر صدر وما عليه هو وباقي أفراد عائلته إلا التنفيذ .
كان أشرف يعيش في احدى الدول الأفريقية ويعمل في التجارة والأمور تسير معه على أحسن ما يرام عندما أقنعة أحد معارفه بان يذهب إلى السفارة الأميركية في ذلك البلد ويحصل على تأشيرة دخول له والأفراد عائلته الصغيرة يومها لزيارة بعض أقاربه في تلك المدينة الأميركية المحاذية للحدود مع كندا وهو ما فعله فترك تجارته وبادر إلى تصفية كل أعماله وتجارته في البلد الأفريقي وهو يُمّني النفس بالوصول إلى أرض الأحلام السعيدة والحياة الأفضل في فردوس العم سام الأميركي !!
لم يكن يمضي على وجودأشرف في أميركا حتى حصل ما لم يكن  بالحسبان ( أحداث أيلول ) فانقلبت الأمور رأسا على عقب وأستمع إلى نصيحة  من بعض  الاصدقاء   :  أمامك حل وحيد الدخول إلى كندا المجاورة وطلب اللجوء السياسي أو الانساني هناك وهكذا كان ، ولكن حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر دوماً فأشرف كان يعمل في في التجارة وأموره على أحسن ما يرام في ذلك البلد الأفريقي ولكن فجأة راوده الحلم الأميركي الوردي وفجأة وجد نفسه إنه أمام قرار مغادرته للولايات المتحدة لعدم حصوله على الإقامة الشرعية هناك ومن أميركا إلى كندا حيث أقام لسنوات عديدة حاول من خلالها الحصول على الإقامة الكندية ولكن الظروف عاندته وها هو يجلس اليوم في صالة الأنتظار الكبرى بإحدى المطارات الكندية ينتظر الطائرة إلتي ستقله إلى وطنه الأم  .
وعادت به الذاكرة عندما أستقل الطائرة للمرة الاولى في حياته متوجهاً إلى أفريقيا وحيداً وها هو يعود إلى الوطن الام مع زوجة وخمسة أطفال ولم يستفق من ذلك الشريط السريع الذي مّر أمام مخيلته إلا على صوت المذياع يعلن للمسافرين بأن يصعدوا إلى الطائرة  وهكذا كان  ،  فطلبت  منه المضيفة  ان  يجلس   في  مقعده  المحدد ولم يشعر الا  انه  وهو  يغرق في سبات عميق   الى ابعد الحدود  .
لعله في ذلك الحلم   يجد مكان  اخر للهجرة اليه   او اللجوء ربما  ، من يعرف  ؟؟؟

 

على الخير  والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                                 علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           : visionmag64 @Gmail.com
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                              الاربعاء   2 تشرين الاول                 2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x