سقوط حكم الظلم

سقوط حكم الظلم
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة المرآة – مونتريال
كندا
رقم العدد – 8 ( 327)
الثلاثاء 18 ت٢
1997
                   (  كتبت   هذه المقالة   في العام  1997  اي   قبل  احداث ما  اطلق  عليه زورا : ((   الربيع العربي  ))  وهو ابعد ما يكون عن الربيع    ،   منذ  16  سنة  تخيل  كاتب هذه الكلمات  الاحداث   على هذا الشكل  فما اقرب الامس  باليوم   وبدت  يومها  وكأنها محاكاة   لأمر ما  سيحدث   مستقيلا   او يوما  ما   )  .
سبحان  الله  !!!
الحياة قصيرة  جداً فالبعض من الناس يعيش هذه الحياة برخاء ورغد العيش الكريم  ، وهناك اناس آخرون وما اكثرهم في عصرنا الحاضر يعيشون المأساة والقهر والجوع والظلم إضافة الى كبت الحريات وقمع الآراء الحرة التي تقول الحق ولا شيء غير الحق .
في تلك الدولة  الافتراضية  التي سأتحدث عنها عاش الناس على مدى سنوات طويلة جداً تحت حكم فاسد ومستبد بقيادة حاكم ظالم وغليظ القلب واللسان ، وكان لا يتوانى عن ارتكاب الفظائع والكبائر في سبيل هدف واحد وأكيد بالنسبة له وهو الاحتفاظ بكرسي العرش والبقاء في سدة الحكم .
كان هذا الحاكم جاهلا بأمور الإدارة الحقة والحكم العادل لشعبه الذي عاني على مدى سنوات طويلة من الاستبداد والقهر والظلم   ،  كما  انه نفسه كان أميا لا يعرف  القراءة ولا الكتابة   حتى انه كان  سيء  الخلق والشكل على حد  سواء   .
كان هذا الحاكم الظالم يشد الخناق على الشعب في كل الاحوال حتى ضاقت الناس بجبروت هذا الحاكم وبطشه الشديد بعد ان اعتمد على أسلوب زرع الرعب في نفوس مواطنيه وأبناء شعبه المسالمين ، من جراء تصرفاته البشعة ، بعد ان وزع مخبرية وجواسيسه بين الناس لاعتقال وسجن اي شخص تراوده نفسه بقول حقيقة ما يجري من ظلم واستبداد أو التعبير الصريح عن رأيه ضد سياسة هذا الحاكم الظالمة الغاشمة  والظالمة الى ابعد  الحدود  .
على  مدار  مرور الايام بدا الشعب وكأنه وصل الى مرحلة عدم احتمال المزيد من الرعب والعذاب وما آلت اليه حالة البلاد من تسلط وقهر وظلم ، وبدت الامور لو ان شرارة الثورة قد بدأت بأبصار النور وان كانت تبدو انها نار خادمة وخافتة تحت الرماد .
أحس الحاكم وحاشيته بأن الامور تتجه نحو التعقيد شيئا فشيء  ، ولم تنفع كل إجراءات الظلم والقهر في ثني أبناء هذه الدولة في الرضوخ لهذا الحاكم الظالم ، لا بل ان الشعب بدا مستعدا للسير في بداية ثورة كبيرة وشاقة للتخلص من كل هذا القهر والظلم الممثل بهذا الحاكم .
وفي احد الايام أحس الحاكم بأن الشعب قد عقد العزم للتخلص منه بأي وسيلة من الوسائل وان حكمه أصبح مهددا بالسقوط في أي لحظة فأعطى أوامره لإصدار منع للتجول في كل أرجاء البلاد ، وبدا هذا الأمر وكأنه عقاب جماعي لكل أفراد الشعب الذي بدا انه مستعدا للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل حريته المقدسة .
وبدا أمر منع التجول وكأنه القشة التي قصمت ظهر البعير مثلما يقولون ، فبدا أفراد الشعب جميعم وكأنهم جسد واحد متماسك واعتبروا ان هذا القرار هو الإشارة الأولى لهم بالخروج الى الشوارع وإعلان الغضب العارم ضد هذا الحاكم وسياسته الحاقدة ، وبدت الامور وكأنها تتجه للتصعيد فجمع الحاكم قادة جيشه وأعطاهم الأوامر بإطلاق النار على الناس في حال خروجها الى الشوارع واصطف الجنود في الشوارع وخرج الشعب الى الشوارع وبدا انه غير مكترث للتهديدات والوعيد من الحاكم وعساكره والزمرة المحيطة به .
وخرجت الجماهير الغفيرة في طول البلاد وعرضها منادية بسقوط الحاكم ، وأطلقت النيران على الشعب الذي خرج ثائرا مناديا بحريته ومحافظا على كبريائه وعزته وبدأ إطلاق الرصاص من قبل الجنود وسقط الشهداء بالعشرات ، وكانت الدماء غزيرة وان كان لكل ثورة شريفة وحرة عنوان واضح وصريح فعمد بدماء طاهرة لأناس دفعوا حياتهم ثمنا لحرية الوطن وعزة المواطن .
اذا بدا الشعب وكأنه عاقد العزم على المضي قدما في سبيل تحقيق هدفه المقدس وسقطت الدماء دماء الشعب المسالم المؤمن بقضيته العادلة وعندما تسقط دماء الشعب فإن أمورا كثيرة تتغير واعتبارات عديدة تسقط وتصدت الجماهير للجنود المدججين بالسلاح وبدا بعض الجنود وكأنه أحس بفداحة العمل الذي يقومون به ، وان عليهم ان يقفوا مع الشعب ضد الظلم وليس العكس .
واستمرت الثورة واشتعلت حماسة الجماهير وكان كلما سقط شهيد بدت دماؤه وكأنها الحافز الحقيقي لإيقاد هذه الشعلة في سبيل الوصول الى الحرية . ولفت أخبار الثورة وانتفاضة الشعب ضد الظلم حتى عمت أرجاء البلاد .
ولم يصغ الحاكم الى من حوله الى ان الامور بدأت تأخذ منحى خطيرا ، وان الأمور بدأت بالأفلات من يد الحاكم ولكن عنجهية هذا الحاكم وحبه للبقاء في السلطة أعمت عينيه عن رؤية الحقيقة الواضحة ، لا بل استمر في غيه وأنانيته الظاهرة .
ولأن الامور سارت على عكس ما اشتهى هذا الحاكم وصلت أفواج الثائرين من الشعب الى أبواب قصر هذا الحاكم المحاط بعدد كبير من الحراس الذين راعهم مشهد الجماهير الغاضبة والتي بدت بأنها ستقتلع كل من يقف في طريقها فألقوا بأسلحتهم ولاذوا بالفرار تاركين سيد القصر يواجه مصيره بنفسه ، وعندما اكتشف الحاكم الأمر ألقى نظره من شرفة القصر على الجموع الثائرة التي كانت تهدر كموج البحر ولم يصدق عينيه وأحس ان نهايته قد اقتربت وفيما هو في هذه الحالة فتحت ابواب القصر من كل الجوانب ووجد الحاكم نفسه للمرة الأولى امام الشعب الذي قهره وأذله لسنوات طويلة وطويلة جداً .
لم يتحرك الحاكم من مكانه وماذا يستطيع ان يفعل ؟ وأين المفر ؟
انها محكمة الشعب ، انها المحكمة الحقيقية التي تصدر الأحكام العادلة على الدوام انه الشعب !!
الشعب الذي ترتكب باسمه كل المحرمات !!
تم اقتياد الحاكم الى شوارع المدينة ليرى كل الشعب بأم العين مصير حاكمه الظالم كل ما فعله الحاكم هو النظر الى لافته كبيرة رفعت على مدخل القصر كتب عليها قول الشاعر المأثور  :
 إذا الشعب يوماً أراد الحياة
 فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد للقيد من ان ينكسر
لابد للحق ان يسود ولو بعد حين وكل باطل وظلم مصيره السقوط والسقوط  السريع والمريع !
فهل  نعيش  لنرى   هذا  الامر يحصل على واقع الارض  في  اماكن يظن الحاكم نفسه  انه بمثابة  ( الأله  )  الذي  لا يمس  او   يسقط  ؟؟؟
                                              على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                         الاربعاء  12     حزيران        2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x