أبغض الحلال …

أبغض الحلال …
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
مجلة الحوادث – لندن
بريطانيا
رسائل الى المحرر
رقم العدد 2026
الجمعة 1 أيلون 1995
لا… لا… أرجوك يا بابا لا تلفظ هذه الكلمة على شفتيك !
هكذا صرخت الفتاة البالغة من العمر 15عاماً بوجه أبيها عندما اعلن بأنه سيطلق أمها بعد سنوات طويلة من الزواج وما أثمر عنه هذا الزواج من اولاد وأحفاد !!
في واقع الأمر فانه من اصعب الامور على الإطلاق هي معالجة شؤون وشجون الأسرة  ولا سيما  في  هذه الغربة   ،  وما يرافق اي عائلة من مشاكل وأمور لا تخلو منها اي أسرة باعتقادي على الإطلاق ، إذ انه من غير الطبيعي عدم وجود مشاكل أو سوء تفاهم على الأقل في محيط اي عائلة أو أسرة وهو أمر من النادر جداً حصوله لا سيما في عالمنا المتخبط والمهتز هذا .
وبالعودة للأسباب التي من المحتمل ان تؤدي الى حصول حالات الطلاق بين الزوج وزوجته فانه من المؤكد انه يسبق حالات الطلاق هذه نوع من العواصف والمشاكل التي قد تبدو كبيرة ومهمة وقد تبدو أحياناً تافهة وسخيفة وإذا تراكمت هذه الامور من النزاعات والمشاحنات الكلامية أحياناً ينتج عن هذا كله هذا الكم الهائل من الصعوبات قد تؤدي في النهاية الى حالات الانفصال والطلاق .
وهل لكم ان تتصوروا معي صورة الاب أو الام . وقد حملت أو حمل حقائب ثيابه وغادر المنزل ومدى حرارة هذا الموقف المؤلم لا سيما في حال وجود الأطفال في المنزل والذي ربما وقف في زاوية من زوايا المنزل وهو يراقب بكل حرقة وألم هذا المنظر أو وقف صارخاً مذعوراً متعلقاً بأمه أو ابيه الذي يهم بمغادرة المنزل ولا يعرف بعقل طفولي بريء ما هي القصة ؟
اني اطرح هذا السؤال كم من الاهل الذين مروا بهذه التجربة المؤلمة فكروا ولو للحظة واحدة في مصير أطفالهم عقب اتمامهم حالات الطلاق أو الانفصال ؟!
لا شك بأنه سؤال مؤلم ومحرج ، وقد تنشأ عند الأطفال الذين يمرون بهذه التجربة تعقيدات مؤثره لا سيما في موضوع العائلة والمنزل بشكل عام  ، ومن المؤكد ان هذه الرواسب التي رآها الطفل قد تترسب داخله وتؤثر على حياته المستقبلية على صعيد الزواج وتأسيس أسرة خاصة به   ،   هذا على الاقل ما يقوله المختصون  في  معالجة  هذه الامور  .
في حالات عديدة قد لا يكون هناك سبب مهم وجيز للطلاق فقد يؤدي مثلاً تدخل ام الزوج أو ام الزوجة أو اي فرد من أفراد العائلتين الى وجود حالة من النكايات والعمل ضد رغبة الطرف الآخر ، وكم سمعنا عن حالات طلاق جعلت على خلفية هذا الأمر يكون الزوجين ضحية لهذه الخلافات مع ان حياتهما المشتركة تكون سعيدة ولا وجود للمشاكل مما يؤدي الى هدم كيان أسرة سعيدة وتفرق شمل عائلة تضم الاب وآلام والأطفال الذين هم دوماً كبش المحرقة في هكذا حالات .
ومؤخراً قرأت مقابلة مع رجل طلق زوجته لانها لا تنتظره على العشاء عندما يعود من عمله عند المساء وهي كثيرة النوم ، لا شك ان هذا سبب  تافه  ولكن أؤكد وجود أسباب اخرى تجمعت كلها وولدت  تلك  المشكلة التي  انتهت بالطلاق !
وقد قرأت مؤخراً إحصائية صدرت في الولايات المتحدة الأميركية تفيد انه يوجد 7 حالات طلاق من كل 10 زيجات في اميركا وهذا أمر مرعب جداً بينما أورد تقرير اخر انه يوجد ثلاث حالات طلاق في الشقيقة العربية الكبر ى مصر من اصل كل 10 زيجات ، وطبعاً تختلف الأسباب التي تؤدي الى الطلاق وذلك حسب كل مجتمع والتأثير السلبي ربما للمجتمع على صعيد الأسرة ككل .
اما اذا أخذنا كندا فان أمر الطلاق مخيف ومرعب جداً إذ تفيد اخر الإحصائيات ان حوالي 80 % من الشعب الكندي هم من المطلقين اي ما يطلق عليهم بالإنكليزية اي  (single parent) اي ان تعيش الام مع أطفالها أو يحتفظ الاب بأطفاله ولكن على الأرجح تحتفظ الام بالأطفال لان القانون الكندي يسمع للام بالاحتفاظ بالأطفال  ، ولدى بلوغ الطفل أو الطفلة عمر ال 18 عاماً يصبح حر الاختيار في طريقة ومكان عيشه .
وهل لنا ان نتصور طبيعة المجتمع الأسري في المجتمع الكندي ، انه حقاً أمر غير طبيعي ومفزع !
وفيما تنتهي الامور بالطلاق في اماكن متفرقة من العالم أوردت مجلة ( موسكو تايمز ) الروسية في احد أعدادها مؤخراً ان 14 الف زوجة قتلن على يد أزواجهن في الاتحاد السوفياتي السابق منذ بداية هذا العام 1995  ، فيما بلغت جرائم قتل الزوجات 7000 جريمة قتل من  العام   1993 وهو ما قالت المجلة بأن روسيا تحتل المرتبة الأولى في العالم على صعيد العنف المنزلي   في  روسيا   وحدها  وعلى صعيد علم واحد  فقط  !!
 وقد تلعب أمور كثيرة ومعقدة للوصول الى الطلاق لا سيما مسألة التهور وعدم تحمل المسؤولية الكاملة من احد الزوجين لا سيما اذا كان الزوجان في عمر صغير في العشرين أو الثلاثين من العمر مثلاً ويتخلص الاسباب عند الرجل هو عصبيته الزائدة مثلاً أو ضرب الزوجة لأي سبب معين أو انه يجعل من نفسه الأمر الناهي في البيت لا يأخذ رأي الشريك الآخر وهي الزوجة وربما يشعر بعض الرجال بكبرياء وغرور زائدين عن الحد مما يوّلد ويفجر المشاكل والصعوبات الجمة في طريق الحياة الزوجية .
وبالنسبة للأسباب عند الزوجة وخاصة اذا كانت هذه الزوجة قد عاشت حالة الراحة المادية بالنسبة لبيت أهلها وربما كانت تحصل على اي شيء تريده وذلك بإشارة واحدة من يدها وربما قد تجد فارق في طريقة التعامل بين منزل والديها ومنزل زوجها
وهنا ربما تصر بعض الزوجات على الحصول على كل ما تبتغيه من مال وجواهر ولباس مهما كان الثمن وهو أمر خاطئ وهو سبب مهم من الاسباب التي قد تؤدي الى الطلاق .
بالنسبة للدين الإسلامي الحنيف فقد عالج الله تعالى هذه المسألة ( مسألة الطلاق ) حيث قال في القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم { واللأتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ان الله كان علياً كبيراً وان خفتم شقاق بينهما وابعثوا حكماً من اهله وحكماً من أهلها ان يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليماً خبيراً } صدق الله العظيم .
وهنا قد يعمد البعض الى تفسير ان الله تعالى أمر عباده بضرب زوجاتهم وهذا خطأ شائع ، وما قصده الله تعالى في محكم تنزيله الشريف مسألة الضرب الخفيف وليس الضرب المبرح والمؤذي ، والضرب الخفيف التي ربما قصدها الله تعالى لكي تعود الزوجة الى رشدها اذا كانت قد تمادت في معصية زوجها في أمور متعددة   .
لا بد ان كل عائلة قد تمر بهذه التجارب المؤلمة  في رحاب هذه الحياة   فحياتنا  هي عبارة عن مزيج  غريب  وعجيب  من التناقضات  التي علينا ان نعيشها بكل  منطق وواقعية الى ابعد الحدود  .
وأخيراً نصيحة من القلب لكل المتزوجين ان يأخذوا الحياة بكل رحابة صدر وموضوعية وخصوصاً بوجود الأطفال في أي عائلة لان الاطفال هم ضحية أي إنفصال وطلاق قد يحصل بين الزوجين مما يؤدي إلى عيشهم في مجتمع منقسم على نفسه بدلاً من ان يعيشوا حياة هانئة ومستقرة في كنف أسرة سعيدة وهادئة .
فمن كان زوجها حاد الطباع وعصبي المزاج فلتتحمله رحمة بأطفالها  ، ومن كانت زوجته كثيرة المطالب وشديدة الإلحاح في أمور عديدة فليتحملها أيضاً رحمة بالأطفال ويناله الأجر والثواب .
اسأل الله تعالى لعموم الناس   ان تعيش  كل لحظات السعادة والوئام   في كل لحظة من لحظات هذه الحياة انه سميع  مجيب  الدعوات  .
                                           على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني
                                           الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                          FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                         الاربعاء  12     حزيران        2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x