بقلم علي إبراهيم طالب

يبدو أن مسألة التهجم على العرب والمسلمين عبر وسائل الإعلام في هذه البلاد هي حلقات من سلسلة طويلة بالإضافة إلى التشويه المتعمد وبشكل يومي لصورة الإنسان العربي والمسلم عبر الجرائد والمجلات ووسائل الإعلام الأخرى من راديو وتلفزيون. فمن كتاب المرتد سلمان رشدي (آيات شيطانية) إلى الأفلام السينمائية المتعددة التي تحارب العرب وتشوه صورتهم وكان آخرها فيلم “كذب حقيقي” لأرنولد شوارزينغر” وصولاً إلى الإعلانات. ومن آخر هذه المهازل والإهانة بحق المسلمين والعرب ما أقدمت عليه مؤخراً شركة  RPG وهي شركة متخصصة بطباعة البطاقات للمناسبات والأعياد ومضمون إحدى البطاقات هي الاستهزاء بالحجاب الإسلامي وتتضمن إهانة إلى الدين الإسلامي بشكل عام وإلى الطائفة الشيعية المسلمة بشكل خاص.

هذه الشركة والتي مقرها في مدينة شيكاغو الأميركية، وعلى أثر هذا التعدي الفاضح والصارخ على الدين الإسلامي تحركت العديد من المؤسسات والجمعيات على اختلاف أنواعها لإدانة هذا العمل الجبان من قبل هذه الشركة المذكورة ودعا مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية كافة المذاهب والطوائف إلى مقاطعة منتوجات هه الشركة وحصلت تظاهرتي احتجاج يوم 16 أيلول الماضي عقب صلاة الجمعة وتظاهرة أخرى يوم 24 أيلول الماضي. وانهالت الاتصالات على مقر هذه الشركة تتطالب الإدارة بسحب هذه البطاقات من الأسواق فوراً وتقديم اعتذار علني. ولكن الشركة المذكورة قالت إنها لن تسحب البطاقات من الأسواق وبالتالي فهي لن تقدم اعتذاراً علنياً للجالية الإسلامية.

ودعا المجلس الإسلامي الأميركي ومؤسسات عربية أخرى إلى التحرك المتواصل نتيجة لهذا الموقف المتعنت والحاقد من قبل هذه الشركة، وأدانت شركة أميركية منافسة للشركة التي طرحت البطاقات وقالت إن هذا العمل غير لائق ولا يمكن لأي شخص أن يتقبله، ربما إدانة هذه الشركة للشركة المنافسة هي على خلفية تضارب الأعمال!!

ولم يقتصر أمر الاحتجاج والاستنكار على الجمعيات الإسلامية وحدها بل شاركت جمعيات وكنائس مسيحية ومنها الكنيسة البروتستانتية والتي تبلغ رعيتها أكثر من 5 ملايين شخص وهددت هذه الكنيسة الشركة المذكورة بأنها إذا لم تعتذر من الجالية المسلمة فستبادر الكنيسة إلى الطلب من أبناء رعيتها مقاطعة منتوجات هذه الشركة.

وفي مدينة لونرس – كانساس قام أميركي مسلم بالإضراب عن الطعام احتجاجاً على هذه الإساءة وأقيمت تظاهرة احتجاج في حرم جامعة كانساس أيضاً.

وحتى كتابة هذه السطور لا تزال آذان الشركة المذكورة صماء على الرغم من الاحتجاجات والاتصالات الهاتفية وإرسال الرسائل، وماتزال مستمرة في غيها وتعنتها!

لا أدري ولا أجد التفسير الكافي لماذا هذا التعرض للقيم والمبادئ التي جاءت بها الأديان سواء أكان الدين الإسلامي أو الدين المسيحي، وما أكثر المرات التي تشاهد فيها بأم العين الإساءة إلى الدين المسيحي عامة في هذه البلاد تحديداً، وكنت قد قرأت منذ فترة عن فيلم (عيسى ابن مريم) عليه السلام يتناول هذا الفيلم حياة المسيح بكثير من الإهانة والتعرض لمقامه الحميد، وعرض في إحدى المدن الأميركية وقام شاب من أصل عربي وقد هاله هذا الاستهزاء بمقام احد رسل الله إلى الإنسانية فما كان منه إلا أن أندفع بكل قواه إلى واجهة السينما الزجاجية مما أدى إلى تهشم وجهه وجسمه بالكامل من جراء تحطم الزجاج، وذلك استنكاراً منه لهدا العمل بالتعرض لهذا المقام وظهرت صورة هذا الشاب على شاشات التلفزيون وقال لهم صحيح بأنني مسلم ولكن شدة تأثري وانفعالي من هذا الفيلم دعتني للإحتجاج على هذه الطريقة. صحيح أنا مسلم ولكن عندنا مكانة خاصة ومميزة للمسيح عليه السلام.

في هذا المجتمع الغربي الذي نعيش فيه وبغياب أي ترابط أسري وبوجود هذا التفكك العائلي تجد هناك غياباً حقيقياً لوجود العائلة كعائلة منصهرة ومتماسكة مع بعضها البعض، مما يؤدي إلى حصول أعمال لا دخل للأديان السماوية بها على الإطلاق.

وخير دليل على ذلك ما حصل مؤخراً في كندا وسويسرا بعد أن ادعى لوك جوريه وهو شخص كندي بأنه المسيح المنتظر. وأقنع بعض أتباعه ومريديه بذلك وكانت نهايتهم بالشكل الذي شاهدناه على شاشات التلفزة وأدى إلى سقوط حوالي 48 قتيلاً بين سويسراً وكندا. وإذا عدنا إلى الماضي قليلاً وتذكرنا ما حصل عام 1978 في غوايانا وحصدت على ما أذكر أكثر من 900 قتيل وفي الفلبين عام 1985 وراح ضحية هذه المجزرة حوالي 60 قتيلاً، وفي كوريا الجنوبية سنة 1987 وصولاً إلى ما حصل في معبد الداوديين في واكوا بولاية تكساس الأميركية حين ادعى ديفيد كوريش زعيم هذه الجماعة بأنه المسيح، مما جر عليه وعلى أتباعه الثمانين الموت ومنهم أطفال ونساء ورجال جنوا على أنفسهم بتصديق أشياء هي خارج المنطق والعقل.

المطلوب العودة إلى الضمير والاستنارة بالعقل لأنه من غير المعقول أن تقود الأفكار الهدامة البشرية بأجمعها حتى لا يأتي يوم ونترحم فيه على قضية الإنسانية والرحمة في عالمنا المتفجر هذا ، وأن لا نصل إلى الطريق المسدود رحمة بالأجيال القادمة ، ومن يعيش يستطيع أن يلحظ المستقبل، فمن يعلم؟

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x