بقلم علي إبراهيم طالب

مجلة الحوادث – لندن

عدد 1982

الجمعة 28 تشرين ثاني 1994

مسألة تعاطي وسائل الإعلام الغربية مع القضايا العربية عامة أصبحت معروفة للجميع، ويعرف القاصي والداني ما هي صورة العربي في وسائل الإعلام الغربية سواء المكتوبة أو المسموعة أو المشاهدة.

المهم أنه من المعروف أن الإعلام الغربي عامة يخضع للتأثير اللوبيات الانتخابية والمالية المؤثرة في هذه البلاد والقادرة على فرض إرادتها على تلك الوسائل الإعلامية.

ما يدفعني لهذا الحديث هو ما ألاحظه على الدوام عبر كافة وسائل الإعلام من تشويه لسمعة العرب والحديث عنهم دوماً كإرهابيين وقتله يلهثون دائماً وراء القتل والدمار وأحياناً من غير مبرر، مما يدل على وجود نوايا خبيثة من القائمين على هذه الوسائل بالاستمرار في الإساءة إلى العرب شعباً وقضية.

أنا أدعوا  دائماً إلى الرد على هذه الأضاليل والافتراءات التي تطال العرب هنا ، سواء بالرد أو الاحتجاج على الاستمرار في هذه الأباطيل، وهنا يكمن ضعفنا كعرب من ناحية إنشاء المؤسسات الإعلامية القوية القادرة على الرد المناسب بوجه كل هذه الأكاذيب.

لاشك أن للسينما دوراً فعالاً في مجال الثقافة العامة وقد يحصل أن يكون لأي فيلم رد فعل أكثر من أي حرب تقوم بين الدول.

مناسبة هذا الحديث هو الفيلم السينمائي للمخرج اللبناني جان شمعون المقيم في فرنسا واسم هذا الفيلم (رهينة الانتظار) ويحكي بصورة واقعية وحقيقية عما تعرض له الجنوب اللبناني في شهر تموز 1993 أثناء حرب الأيام السبعة التي شنها العدو الصهيوني الغادر على الجنوب الحر الاشم. حمل جان شمعون الكاميرا في هذا الفيلم ونقل بكل أمانة من أرض الجنوب الواقع كما هو دون زيادة أو نقصان.

أراد إبراز رسالة في هذا الفيلم من خلال مرافقته للأهالي العائدين إلى قراهم وبلداتهم وقد هالهم ما رأوه من حقد وهمجية آلة العدو الوحشية في القضاء على البشر والحجر.

شعب الجنوب المقاوم يواجه بصدره العاري آخر ما توصلت له تكنولوجيا الحرب الأميركية المهداة إلى إسرائيل، هذا الكيان الغاصب الذي ما فتئ يقصف ويهدد ويتوعد.

لكن الآية الآن انقلبت كما ينقلب السحر على الساحر وذلك بفعل المقاومة الحرة الشريفة ورجالها الأشاوس، أسود الليالي وحماة الديار لا يهابون الأخطار وفي قلوبها دروس حب الأوطان.

من أجل هذا كله تحطمت وزالت إلى الأبد مقولة الجيش الجرار الذي لا يقهر، لقد قهر هذا الجيش على أرض الجنوب العاملي هذا الجنوب الذي يحلو لسيادة الرئيس حافظ الأسد أن يطلق عليه لقب : جنوب العرب.

هذا الجنوب المثقل يحمل المعاناة  والكبرياء. نعم جنوب العرب اليوم يدفع الضريبة دماً وشهادة عن الجميع في زمان الحياد والهروب و الارتماء في أحضان هذا العدو الغادر، والذي يذهب الجميع لأخذ رضاه وتنفيذ كل أوامره بدقة.

وسط التعامي الإعلامي الغربي مع قضايانا المحقة يأتي فيلم (رهينة الانتظار) ليصلح أغلاط الإعلام الغربي المتحيز ويظهر للعالم بأسره بأن شعب الجنوب المقاوم يواجه الموت يومياً ويتحدى هذا الموت بإرادة قوية وعزيمة اكيدة في حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة على أرض هذا الجنوب الصامد وهو من أبسط حقوق الإنسان في زمن سادت فيه شريعة الغاب وحل الظلم والعدوان على أنحاء واسعة من الكرة الأرضية.

حق شعبنا سيعود رغم أنف العدو ومن ورائه ولا يزول حق وراءه أناس تطالب به، وإن غداً لناظره قريب.

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x