مفهوم المقاومة في ثورة الإمام الحسين بن علي (ع)

مفهوم المقاومة في ثورة الإمام الحسين بن علي (ع)
بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة صدى المشرق – مونتريال
كندا
رقم العدد – 92
الثلاثاء 2 نيسان 2002
نعيش في هذه الايام ذكرى عاشوراء حيث تتجسد واقعة كربلاء بكل بطولة وتضحية وإيثار ، تلك   الثورة التي  انتصر  فيها الدم الزكي  على سيوف  الغدر والبغض    .
إنها تلك الصرخة المدوية التي أطلقها الإمام الحسين في العام 61 للهجرة ويقول فيها بكل وضوح :
( إني لم أخرج أشرا ، ولا بطرا، ولا مفسدا، ولا ظالما ، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي ، أريد أن أمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ، ومن رد علي هذا ، أصبر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين ) .
أراد الإمام الحسين ( عليه السلام ) أن تكون معركة الحق والعدل والنور ضد الظلم والشر والعدوان .
إذن نستطيع ان نرى وهج وشعاع ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، فهو ثار وأصر على الثورة وقدم أعطر وأزكى التضحيات وهي الشهادة والدم وتقديم الغالي والنفيس في سبيل احقاق الحق ومحاربة الباطل .
ثائر هو الإمام الحسين في محاربة الظلم ، انه الثائر الأوحد الذي خط للثورة مبادئ صحيحة وواثقة .
الثورة المباركة التي أضحت منارة للإرشاد إلى الطريق الصحيح وهي طريق العدل والإنسانية في مواجهة الظلم الذي تجلى بكل صوره البشعة في كربلاء عندما واجه الإمام الحسين ( عليه السلام ) أعداءه الكثر في ملحمة كربلاء  الخالدة   .
أدرك ومنذ اللحظة الأولى إن اتكاله هو على الله الجبار العظيم بالوقوف معه على رغم كل الاخطار المحدقة به وعلى الرغم من كثرة الناس الذين وقفوا ضده وحاربوه إلا أن منهم من شعر بالخجل واستيقظ ضميره فقال هذه الأبيات من الشعر :
لو شاء ربي ما شهدت قتالهم        ولا جعل النعماء عندي ابن جابر
لقد كان ذاك اليوم عارا وسبة         تعيره الأبناء بعد المعاشر
فيا ليت اني كنت من قبل قتله         ويوم حسين كنت في رمس قابر
والقارئ بين سطور وحروف هذه الأبيات الشعرية يستطيع أن يلاحظ مدى الندم والخجل من قتال ابن بنت الرسول الأكرم (ص)  ،  ووصمة العار تلك التي  لازمت  من قاتل الامام الحسين منذ كربلاء تلك   وحتى ايامنا  الحاضرة  هذه  .
وهذا الرسول العربي الكريم (ص ) يقول ( الحسن والحسين ابناي ،  من أحبهما أحبني ، ومن أحبني احبه الله  ، ومن أحبة الله أدخله الجنة ، ومن أبغضهما أبغضني ،  ومن أبغضني أبغضه الله  ، ومن أبغضه الله أدخله النار على وجهه )    .
انها  ثورة ومقاومة وملحمة خالدة هي كربلاء الخالدة على الدوام انها قبلة الثائرين والأحرار ، وهل هناك ابلغ مما حصل على ارض لبنان ، كمثال حي على بطولة التعلق والاقتداء بخط وجهاد كربلاء والإمام الحسين (ع) ، وها هي المقاومة ا الباسلة التي جاهدت  على ارض الجنوب اللبناني والبقاع الغربي ، المثال الرائع والجميل لأولئك الفتية الذين آمنوا بربهم العظيم وبرسولهم وبأهل البيت (ع) ، فذلك المقاوم المجاهد البطل الذي كان يقتحم المواقع المحصنة للعدو  ، بكل بطولة وشجاعة وأقدام ملفتة للنظر كان ذلك المقاوم يقتحم تلك المواقع صارخا ( يا أبا عبد الله الحسين ) فكأني بعزيمة وقوة الإمام الحسين كانت تقف مع أولئك المقاومين المجاهدون ، وبذلك منَّ الله عليهم  بالنصر المبين والمؤزر.
وقف الإمام الحسين (ع) يوما وخطب بالناس قائلا (أيها الناس إن رسول الله (ص) قال : من رأى  سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ناكثا عهده مخالفا لسنن رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان ، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقاً على الله أن يدخله مدخله ، ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان ، وتركوا طاعة الرحمن ، وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود ، واستأثروا بالفيء ، واحلوا حرام الله وحرموا حلاله ).
كثيرة هي المواقف الشجاعة التي وقفها الإمام الحسين (ع) كلها مواقف كانت تتسم بالحرية والشرف والعدل لمواجهة الإجرام والشر والظلم والسبي وها هو عليه السلام يقول عندما قيل له قبيل توجهه الى كربلاء إلى أين تمضي يا ابن بنت الرسول الكريم فإنك مقتول فقال :
سأمضي وما بالموت عار على الفتى        إذا ما نوى خيرا وجاهد مسلما
وواسى الرجال الصالحين بنفسه            وخالف مثبورا وفارق مجرما
فإن عشت لم أندم ، وان مت لم ألم          كفى بك ذلا أن تعيش وترغما
كانت كلمات كلها عز وفخر وفيها الكثير من عزة النفس وعدم التهاون والتنازل أمام الظلم مهما كانت التضحيات كبيرة ولا سيما إذا كان الثمن غالبا جداً وثمينا وهو الدماء الطاهرة الأبية في سبيل أشرف قضية وأعز قضية يمكن لأي إنسان حر وشريف وثائر أن يقدم حياته رخيصة من أجل قضية مقدسة وخالدة كثورة كربلاء المضيئة .
على مدى أربعة عشر قرنا لا تزال كربلاء تلك النجمة المضيئة على الدوام ، كربلاء تلك كان مهرها دما وثورة واستشهاد هي القلب ، وهل يخفق القلب إلا بالدم الطاهر الجزل ، شمولية كربلاء تكمن في أن عظماء كثر عبر التاريخ وقفوا ودرسوا عاشوراء الحسين وها هو  حكيم الهند   وملهم ثورتها   :  غاندي يقف ليقول ( تعلمت من الإمام الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر ).
ثورة الإمام الحسين (ع) تزداد إشراقاً وعزاً  وفخراً على مر السنين لأنها تحمل في طياتها كل الخير والقوة والثورة في مواجهة الشر والعدوان منذ آدم وحتى قيام يوم الدين إنه سميع مجيب الدعوات فسلام عليك أيها الشهيد ، أبا عبد الله الحسين   ، والعز والعنفوان  هو  أن تبقى ثورتك شعلة منيرة متقدة ولو كره الكافرون .
                                               على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                الثلثاء   السابع  من        أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x