رشوة ووساطة وشعب

بقلم : علي إبراهيم طالب
وندسور – كندا
جريدة المستقبل – مونتريال
كندا
العدد – 366
الأربعاء 20 ك٢ 1999
أمسكت قلمي وشرعت بالكتابة عن أمر  يعتبر غاية في الأهمية على صعيد وطننا الحبيب لبنان وربما شمل معظم الدول العربية الشقيقة   ، ألا وهو موضوع الرشوة والوساطات للحصول على وظيفة ما ، أو دفع مبالغ معينة من المال في سبيل إتمام معاملة أو إنجاز أمر  ما .
في الحقيقة ما أشعر به واؤمن   يه هو ان يكون الانسان  المناسب في المكان المناسب دون الإلتفاف الى طائفته ودينه ولونه وما الى ذلك ،   وقد قلت الانسان المناسب ولم أقل الرجل  المناسب كما يقال  لأن  قد يكون عند بعض النساء المقدرة على القيام بأعمال  مثل الرجال واحيانا  افضل من الرجال  انفسهم   .
أتحدث  عن مسالة الوساطات  والمحسوبيات  وخصوصا في وطننا الحبيب لبنان حيث مرض الطائفية الذي يجب ان « يستأصل » من كل النفوس لبناء وطن حديث وحضاري دون الدخول في متاهات ومتاعب هي أبعد ما تكون في أي وطن وفي تاريخ أي امة .
وفي واقع الأمر كنت أطالع مجلة « الحوادث » (الغراء ) عندما لفت نظري مقال في زاوية « آفاق » للصحافي الأستاذ باسم الجسر تحت عنوان « مسألة فيها نظر » ويتحدث فيها عن الرشاوي والوساطات ويجري مقارنة بين ما يحصل أوروبا أو أميركا أو كندا وفي  بلاد   غربية محددة اخرى .
ذا اردنا ان نتكلم بصدق ونصف كيف تتعامل الإدارات الحكومية مع عامة الناس والمواطنين في هذه البلاد فإننا نحتاج الى صفحات وصفحات طويلة    ، فالشخص يدخل هنا الى اي مكان عام أو خاص أول شيء عليه ان يقوم به ان يأخذ دوره في الصف أو الطابور كما يسمى في بعض الدول العربية  ،   تأخذ دورك وعندما يشار إليك تتقدم من الموظف أو الموظفة وتسأل عن حاجتك   ، واذا  لم  تقتنع  بخدمة ذلك الموظف او الموظفة  وفي اي دائرة او مكان  عام    فتستطيع بكل  راحة  ان تسأل عن المدير  او المسؤول  عن ذلك الموظف    فيتم الاستجابة لطلبك  على الفور  .
فكم من الموظفين  سواء الحكوميين او  في القطاع الخاص   في لبنان أو غيره من الدول العربية أفنى عمره في الوظيفة وخرج دون ان يستطيع تأمين منزل لعائلته   مثلا  ، وطبعاً يكون هذا الموظف الأمين والأدمي مقتنع بأن مصالح الناس والحفاظ على مال الدولة او الشركة الخاصة التي  يعمل  بها   هي امانة في عهدته ومن المستحيل مثلا ان يفكر اي تفكير    للرشوة او السرقة وما الى  ذلك  .
على المنقلب الاخر قد ينظر الى ذلك الشخص الامين  والمخلص  ،  ينظر  له بعض الناس على أنه مغفل أو « غشيم »   كما يقال   في اللهجة العامية اللبنانية  المحكية   ، وذلك لأنه لم يستغل مركزه في جني المال الكثير ورضي براتبه من الدولة  او من الشركة الخاصة دون اي زيادة يجمعها من كل صاحب مراجعة أو طلب  ،  كما يفعل أناس كثيرون موظفون في  الكثير من الدوائر ا العامة  او حتى الخاصة   .
من العيب والعار ان يحرم انسان متعلم ويملك كل الكفاءات والمقدرة للقيام بعمل ما   ، من المعيب ان يحرم هذا الانسان من ان يكون في موقعه الطبيعي سواء في خدمة أبناء شعبه أو ان يكون في مركز استطاع ان يصل اليه بعد جهد وعناء شديدين  ، تطلبا سهر الليالي والحصول على  أعلى الشهادات العلمية  التي تكون  كافية  ووافية   ليأخذ ذلك الانسان  مكانه   الطبيعي  في هذه الحياة  عامة    .
أنا أعلم ان هذا الأمر هو موضوع شائك وخطر في آن  معا ، أن تبحث عن أسباب ومسببات وجود هكذا عقلية في مراكز القرار العليا .
يشعر المرء بهذا الحزن والخيبة عندما يرى ان بعض من يحتلون مراكز القرار والمناصب العليا إنما وجدوا في تلك الأماكن نتيجة الوساطات والرشوة وليس نتيجة شهادات وجد وتعب .
وعلى ذكر الرشاوي والجني غير المشروع تذكرت في هذه اللحظة الفنان العربي السوري الكبير الأستاذ دريد لحام في أحدى مسرحياته : « عندما يلاحظ طبيب الأشعة دائرة تشبه الليرة داخل معدته فيسأله عن ذلك فيرد « غوار » على ذلك وبلهجة شامية محببة : ولك يا عمي بلعنا ليرة وبينت في الصورة في ناس عم تبلع ملايين وما عم تبين ، شلون هيك ، شلون ..»؟؟؟
ومع غوار وموضوع الليرة والرشاوي نستودعكم الله  تعالى ، ونقول في قرارة نفسنا ان هذه الأمور والمسائل المهمة والعاجلة تتطلب ممن يمسكون بزمام الأمور ، ان يبادروا ويتوقفوا ولو قليلاً  قليلا مع الضمير  الانساني  والذي  خص الله تعالى الكائن البشري  به دون غيره من كل المخلوقات   على سطح   هذه الكرة الارضية    .
                                             على الخير والمحبة والمودة الدائمة   والسلام استودعكم  الله   ولقاؤنا  معكم  يتواصل  من خلال هذا الموقع    والى اللقاء القريب  ان شاء  الله تعالى  .

                                              علي   ابراهيم   طالب
                                                وندسور    كندا
                                            للتواصل مع الكاتب عبر البريد الالكتروني : visionmag64 @Gmail.com
                                   الصفحة الشخصية على موقع الفيس بوك
                                    FACEBOOK PAGE :    ALI  IBRAHIM  TALEB
                                   الاثنين         13   أيار      2013
0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x