بقلم علي إبراهيم طالب

جريدة الحقيقة – بيروت – الثلثاء 11 آذار 1986

 يُعرف عن دمشق أنها من أقدم المدن في التاريخ، وتضم عدداً لا بأس به من الأماكن الأثرية والسياحية. فدمشق أصبحت اليوم من المدن الحديثة المتطورة إن من ناحية العمران الحديث او الأوتوسترادات الفسيحة والجسور المعلقة. دمشق اليوم تسير نحو المستقبل  بخطى ثابته ووسط العاصمة السورية ترى بردى الذي قال عن أمير الشعراء أحمد شوقي:

سلام من صبا بردى أرق

ودمع لا يكفكف يا دمشق

وتضم دمشق عدداً من الأسواق الهامة، ولعل سوق الحميدية هو قلب الشام النابض بالحركة والنشاط التجاري ونحاول بهذه الأسطر أن نلقي الضوء على سوق الحميدية الذي هو أشهر من أن يُعرّف.

للدخول إلى سوق الحميدية تدخل من ناحية قلعة دمشق التي يعاد ترميمها، وتقع بجانب سوق الحميدية منطقة (الحريقة) التجارية أيضاً. وعلمت أن سبب تسميتها هكذا يعود إلى الحريق الذي حصل في تلك المنطقة سنة 1925.

عند دخولك إلى السوق تلمح أمامك عشرات المحلات التجارية المخصصة للأقمشة والملبوسات والحلويات، ويضم سوق الحميدية عدة أسواق فرعية فهناك سوق القماش وهو مخصص لبيع جميع أنواع الأقمشة والملبوسات، وهناك سوق العطارين المخصص لبيع جميع أنواع العطور، كذلك سوق (السروجية) المخصص لصناعة وبيع جميع أنواع المنتجات الجلدية من أحذية وجزادين إلى صناعة (القباقيب) الشامية المشهورة ، بالإضافة إلى ذلك يضم سوق الحميدية أسواق اللحامين والتوابل والبهارات الشامية الفاخرة، وهناك سوق للقرطاسية والكتب ويضم جميع أنواع المنتجات الورقية والمطبعية.

وفي سوق الحميدية أيضاً تلاحظة بسطات مخصصة لبيع الكتب التراثية القديمة والحديثة.

ومجرد دخولك إلى سوق الحميدية تلاحظ تنوع المحلات التجارية في هذا السوق بدءاً من محلات الألبسة الجاهزة إلى محلات الملبوسات والمطرازات والعباءات المزخرفة والألبسة التراثية إلى محلات المجوهرات بالإضافة إلى محلات الحلويات الشامية الفاخرة.

ويحافظ الشاميون على الحرف التي يرثونها عن آبائهم كالزخرفة والنقش على الأخشاب من طاولات الزهر إلى اللوحات المنزلية والتحف، وترى في سوق الحميدية العديد من المحلات المخصصة لبيع الآلات الموسيقية الشرقية المزخرفة بأياد ماهرة.

والشيء الملفت للنظر هو أعداد السياح الأجانب وتشاهدهم في سوق الحميدية يركزون اهتمامهم على القطع والتحف الأثرية والعباءات المزخرفة، بالإضافة إلى اللوحات المزخرفة بالنقش، كل هذه الأشياء تستحوذ على إعجاب هؤلاء السياح.

ويلاحظ الزائر لسوق الحميدية أن سقف هذا السوق مغطى بألواح من الإترنيت بشكل مقوس والأبنية هناك تحافظ على الطابع التراثي لها بالرغم من مرور الزمن عليها.

وعند خروجك من سوق الحميدية مباشرة من ناحية الجامع الأموي تلاحظ الأعمدة والمنشآت الأثرية في محيط الجامع الأموي وخلف الجامع الأموي مباشرة يقع قصر العضم الذي يعتبر متحفاً يعرض في التراث السوري القديم.

سوق الحميدية هذا السوق المتكامل في وسط دمشق الفيحاء يبقى على مر السنين كبقاء جبل قاسيون والتي ترتاح تحته دمشق بكل هدوء وهناء.

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x