بقلم علي إبراهيم طالب

مجلة الحوادث – لندن

عدد 2011

19 آيار 1995

ترددت في بادئ الأمر قليلاً عندما أمسكت القلم وأردت أن أكتب عن موضوع أصبح مع الأسف الشديد شيئاً ملازماً لمجتمعات الجالية العربية أقله على مستوى المدينة التي نعيش فيها وهي وندسور. الموضوع الذي سأتناوله هو موضوع الحسد.

فمع الأسف الشديد أقولها مجدداً أصبحت الأحظ مؤخراً أن موضوع الحسد قد استشرى عند بعض الناس من المغتربين العرب في هذه البلاد، فالتلميذ في مدرسته أو جامعته إذا حصل على نتائج جيدة في دراسته يكون مثار الحسد من البعض، ورجل الأعمال الناجح إذا وفقه الله في عمله يكون أيضاً مثار حسد الآخرين وهكذا دواليك.

مما لا شك فيه بأن الحسد معضلة صعبة الحل ولا بد أنه موجود في جميع المجتمعات سواء اعترفنا بهذا الواقع أو لم نعترف. وإني لا أدري بالضبط لماذا تتكون عند أي فرد مسألة مزاولة الحسد بحق الآخرين؟

والحسد درجات متفاوتة قد تبدأ من حسد الطفل الصغير لطفل آخر على لعبة يحملها أو شيء يأكله، لتصل إلى المجتمع المخملي كما يسمى فهناك أناس كثييرون وصلوا ربما إلى مستويات عليا أو مراكز مرموقة ولكنه داء الحسد العضال ظل يرافقهم حتى في ظل وجودهم في مراكز القرار على سبيل المثال فإن غريزة الحسد تظل متحركة عنده ضد الآخرين على أشياء سخيفة جداً بحق الآخرين.

هل لكم أن تتصوروا معي مجتمع قائم بذاته يسوده الحسد والنميمة؟ قد ينجح إنسان ما بعمل يقوم به أو جهد متميز حققه دون الآخرين، وقد يكون هذا الإنسان نظيف الكف عفيف اللسان لا يريد النزول إلى مستوى ضعيف من التعامل المسيء مع الآخرين، ترى أنه يتعرض لسهام من الحسد والنميمة من بعض الناس لا لذنب ارتكبه إلا لأنه نجح وحقق شيئاً معيناً سواء على مستواه الشخصي أم على صعيد المجتمع ككل.

وقانا الله تعالى جميعاً شر الحسد والحساد لان الإنسان الحاسد يتحول إلى شخص فاقد لكل مميزاته الإنسانية وتتغلب على نفسه تلك الرغبة القاتلة في حب الذات والكره للآخرين. ولأنه ممكن أن يكون في موقع عال أو مركز مرموق ولكن الحسد يعمي بصره وبصيرته فينقض على كل إنسان طموح ليهزمه ويقطع عليه الطريق للوصول إلى النجاح في هذه الحياة، إنها قمة درجات الحسد تحصل في هذه الحالة. قد يقول قائل إن الانسان طموح بطبعه ويجب أن لا تقف أية عوائق أمام هذا الطموح والرغبة في الوصول إلى ما يتمناه كل مرء، نعم أقول لكل إنسان الفرصة في النجاح والاجتهاد في سبيل مستقبل أفضل ولكن ليس على حساب الآخرين كأن يعمل أي شخص في شركة ما فيناصب العداء لزملائه وتكون طريقته في العمل اللجوء إلى الوشاية وفبركة الأضاليل ضد الآخرين لكي يحوذ على تهنئة من رب العمل مقابل عمله هذا إنها طريقة غير أخلاقية وبعيدة كل البعد عن التعامل الإنساني بين أبناء البشر.

من أجمل الحكم التي تناولت الحسد وتعجبني حكمة أعرفها وكنت أشاهدها منذ طفوتلي داخل سيارات الأجرة والحافلات العمومية في الدول العربية كافة والحكمة تقول:

“لله در الحسد ما أعد له بدأ بصاحبه فقتله”

اللهم نسألك أن تبعد عنا جميعاً شر الحسد والحاسدين في حياتنا اليومية لما فيه الخير للبشر وكل البشر في أرجاء هذه المعمورة الواسعة.

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x