بقلم علي إبراهيم طالب

مجلة الحوادث – لندن

عدد 2008

28 نيسان 1995

احتل موضوع النزاع البحري القائم بين كندا من جهة وإسبانيا والسوق الأوروبية المشتركة من جهة ثانية المكان البارز في وسائل الإعلام الكندية المقروءة والمسموعة والمرئية.

والقضية بدأت حين منعت السفن الحربية الكندية سفن الصيد الإسبانية قبالة حدود مقاطعة “نيوفنلاند” وحجة كندا في هذا الشأن أن السفن الإسبانية تستعمل الشباك الصغيرة جداً مما يؤدي إلى جرف كل الأسماك الصغيرة والتي يحرم القانون الدولي اصطيادها حسب ما تقول به كندا.

ومن ناحية إسبانيا فماتزال المراكب الإسبانية الخاصة بالصيد تقوم بعملها في اصطياد الأسماء من المياه التي تعتبرها كندا ضمن مياهها الإقليمية وتبرر كندا عدم سماحها بالصيد في تلك المنطقة وبهذه الأعداد الهائلة التي تحصل عليها إسبانيا وباقي دول السوق الأوروبية المشتركة بأنه يوجد خطر فعلي في انقراض الثروة السمكية في تلك المنطقة بشكل جدي.

القضية الآن رفعت إلى الأمم المتحدة وهذه الأخيرة تعمل جاهدة على قاعدة أن لا يموت الذئب وأن لا يفنى الغنم!

كندا أعلنت من جانبها وعلى لسان وزير الثروة المسكية بأن الإسبان والأوروبيين مجتمعين قد اخترقوا قوانين الأمم المتحدة في عمليات الصيد التي تجري في تلك المنطقة من كندا وأضاف الوزير أن على إسبانيا أن تعيد النظر في موضوع الصيد في تلك المنطقة حفاظاً على الثروة السمكية في أعماق البحار.

وقد نظم الوزير الكندي رحلة بحرية من كندا إلى نيويورك إلى ممثلي وسائل الإعلام العالمية وبمن فيهم ممثلي وسائل الإعلام الأوروبية ومن إسبانيا أيضاً شارحاً لهم خطورة الاستمرار في الصيد على هذا المنوال.

أذكر ومنذ دراستي للمرحلة الإبتدائية والمتوسطة في لبنان بأننا كنا نقرأ عن كندا بأنها دولة غنية جداً بالموارد الطبيعية والأخشاب والقمح ومواد مهمة أخرى. وبالفعل بأن الصناعة السمكية في كندا هي من الصناعات الهامة بالنسبة لهذه البلاد ولا سيما متى عرفنا بأن المياه تحيط بكندا من عدة أماكن ولا سيما في منطقة نيوفنلاند بحيث تقول كندا أن حدودها البحرية تمتد في تلك المنطقة في عمق 200 ميل بحري. القضية الآن أمام الأمم المتحدة وقد شاهدت مؤخراً على شاشة التلفزيون الكندي مشاهد عن مواكبة السفن الحربية والبوارج الإسبانية لسفن الصيد وبالمقابل تقول إسبانيا والسوق الأوروبية المشتركة أن كندا ما تزال تعمل وبواسطة السفن الحربية الكندية على منع سفن الصيد الإسبانية من ممارسة الصيد في المياه التي تقول عنها كندا أنها ضمن مياهها الإقليمية وتدخل ضمن سيادتها فيما تعتبر إسبانيا أن المنطقة التي يصطاد صيادوها بها هي مياه دولية.

ومن المعروف بأن كندا وقعت في الماضي على معاهدة اعتبرها الأوروبيون فرصة سانحة لهم للصيد في تلك المياه المتنازع عليها حالياً، وتكرر المصادر الكندية وبشكل يومي بأنها تشعر بالندم المستمر لتوقيعها على تلك المعاهدة، وبدورها تدق ناقوس الخطر بالنسبة للثروة السمكية بشكل عام.

وبين إصرار كندا على توقيف السفن الإسبانية ، تقول إسبانيا والسوق الأوروبية المشتركة بأن على كندا أن تسمح لسفن الصيد هذه بالعمل ولو بشكل مؤقت وحى ظهور نتيجة ما ستقوله اللجنة المكلفة من قبل الأمم المتحدة في هذه القضية والتي تبدو شائكة ومعقدة في ظل إصرار كل جانب على رأيه وأحقيته في صوابية رأيه.

التلفزيون الكندي عرض تقرير مصورعن طبيعة السفن الإسبانية التي احتجزتها البحرية الكندية وقالت بأن هذه السفن هي عبارة عن مصانع لتعليب السمك على الفور، أي أن عملية اصطياد الأسماك تتم بسرعة هائلة ويتم تعبئة السمك في علب جاهزة وعندما تصل هذه السفن غلى الشاطئ الإسباني تكون كميات الأسماك جاهزة للبيع وليست بحاجة للتوضيب والتعليب.

وزير الثروة السمكية الكندية السيد براين توبن يظهر كل يوم على شاشات التلفزة ومن خلال وسائل الإعلام الأخرى يحث الشعب الكندي والدول الأخرى على مساندة كندا في هذا الموضوع وهو تلقى التأييد في هذه القضية من نظيره وزير الثروة السمكية الألماني وكذلك أيده نظيره البريطاني في الوقوف إلى جانب كندا في هذا الموضوع. لا أدري ماذا حل بهذا العالم وأخشى ما أخشاه من نشوب حرب طاحنة بين كندا من جهة وإسبانيا والسوق الأوروبية المشتركة من جهة أخرى أقله حرب على الصعيد الدبلوماسي.

الكرة الأرضية أصبحت كلها ساحة للصراعات سواء على سطح الأرض أو في أعماق البحار والمحيطات أو عبر الفضاء والأجواء.

لا أدري لماذا تذكرت في هذه اللحظة كلمات للمطرب الفذ صباخ فخري يقول فيها:

صيد العصاري يا سمك يا بني

تلعب بالميه لعبك يعجبني

صيادك ماهر بياعك شاطر

ووجودك نادر محلاك يا بني

لمن ستكون الغلبة في هذا الصراع الدائر لا أحد يدري والانتظار فقط هو سيد الموقف!

0 0 votes
Article Rating
Spread the love
Subscribe
Notify of
guest
0 Comments
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x